بعد اندلاع الثورة في مصر تسابقت بعض الأبواق العلمانية إلى الاستوديوهات لقطف الثمار, واصبح هؤلاء نجوماً على الفضائيات يعزفون لحناً واحداً ( الإخوان ركبوا الثورة ). بعضهم نجح في انتخابات أول برلمان بعد الثورة مثل عمرو حمزاوي وبعضهم اتخذ من الشاشات منزلاً له لا يفارقه الا قليلاً. والواقع أن العلمانيين هم من ركبوا الثورة بالميكروفونات بينما تركوا العمل الثوري على الأرض للإخوان المسلمين, ويشهد عليهم يوم 28 يناير وموقعة الجمل.
لم ننتبه جميعاً إلى اللحن الموحد الذي عزفه هؤلاء ولا إلى نغمة التخوين والعداء التي تصاعدت تدريجياً ضد التيارات الاسلامية وفي القلب منها الإخوان المسلمون. لم نتنبه إلى ( بروزة ) خالد سعيد الذي صاحبته حالة إهمال وتجهيل متعمدة لسيد بلال ( رحمة الله عليهما ).
لم انتبه أنا شخصياً إلى ارتباط تلك الشخصيات بخط ثابت ترضى عنه الإدارة الأمريكية الا عندما اطلق جون كيري وزير الخارجية الأمريكي تصريحه المضحك بعد الإنقلاب والذي قال فيه ( الإخوان قفزوا على الثورة ).
العلمانيون بجميع طبقاتهم شنوا هجوماً إعلامياً موحداً, فقد كانوا يمتلكون منابر جاهزة من قبل الثورة بينما كان الخطاب الإعلامي للإخوان تصالحياً استيعابياً يسعى للم الشمل وتخطي ما ظنه وظنناه جميعاً وقتها ( مجرد خلافات ).
والعلمانيون في مصر طبقات ثلاث, فهناك العلماني ( البصمجي ) الذي يسره أن يردد جملاً معيناً ويطلق مسميات لا يفهمها على وجه الدقة دون حتى أن يكون ملماً بشكل كامل بما يقول ظناً منه أن ترديد تلك الأفكار والجمل يمنحه وجاهة اجتماعية معينة, وهناك العلماني التابع, وهؤلاء تجدهم في تعليقات على تغريدات البرادعي وهؤلاء كان من السهل أن تجدهم عند مكتب الإرشاد يحرقون ويخربون, وهناك العلماني الذي تشرب العلمانية واصبحت تجري في عروقه بدلاً من الدماء وهؤلاء على عداء شديد مع التيار الإسلامي ويمثلهم البرادعي ومحمد أبو حامد وفاطمة ناعوت.
والعلمانيون في مصر يشتركون جميعاً على اختلاف طبقاتهم في أنهم يعتبرون الإخوان المسلمين ( الشيطان الأكبر ). بعض هؤلاء فضل السقوط تحت بيادة العسكر وتأييد الإنقلاب منذ اللحظة الأولى وبعضهم كالبرادعي مثلاً يحاول الآن غسل يده من جرائمه التي ارتكبها في ظل الإنقلاب الذي دعى هو شخصياً إليه.
وهؤلاء لا يستندون إلى أي ظهير شعبي يسمح لهم بمنافسة الإخوان ولا حتى بالدعوة لمظاهرة صغيرة الحجم لمدة ربع ساعة في تاكسي, ولذا تجدهم يرفعون شعار الثورة ولم الشمل فوق أسنة الرماح, ويدعونك بكل وقاحة إلى التخلي عن إصرارك على عودة الرئيس مرسي. ومن هنا يأتي الخطأ الذي يرتكبه بعض الداعين للإصطفاف, فهم بدلاً من توجيه دعوات الإصطفاف إلى مؤيدي 30 يونيو, تجدهم يحتفون بتغريدة للبرادعي ومن هم على شاكلته من الكروت المحروقة.
وهنا يجب على الجميع أن يدرك أن أمثال البرادعي فقدوا جمهورهم ولم يعودوا أبواقاً للتأثير كما كانوا قبل الإنقلاب, فقد احرقوا سفنهم حين أيدوا سفك الدماء والعنف والإنقضاض على الثورة. ولذلك فإن أي مجهود حقيقي في اتجاه الإصطفاف يجب أن ينصب على دعوة من شاركوا في 30 يونيو الذين لم تتلوث أيديهم بالدماء, وليس على رموز احترقت ويظنها البعض كروتاً رابحة لخطأ في حساباته.
تاريخ النشر: 23-5-2015