يرى مراقبون أن كمون ثورة يناير بعد أن قامت الثورة المضادة بتطويقها ومحاصرتها، ويؤكدون على تحقيق اصطفاف القوى الوطنية وقدرتها على التكامل والتكافل، وعلى أن الثورة قائمة على الرغم من حديث البعض عن أن الثورة ماتت وفشلت وهزمت في 3 يوليو 2013، إلا أنه ومن خلال المشهد الحالي نستطيع جمع الحجج والقرائن التي تؤكد ثورة يناير رغم ما يقال على ألسنة إعلام الانقلاب.
قبل سبعة أعوام خرج شباب مصر في ثورة شعبية أطاحت بالمخلوع حسني مبارك بعد ثلاثة عقود قضاها في السلطة، وأعطت الثورة، التي سمّيت بتاريخ انطلاقها في 25 يناير 2011 أملا في القضاء على الاستبداد والفساد والعبور نحو الديمقراطية.
يقول الكاتب الصحفي سعد القرش :”المدينة الفاضلة فى ميدان التحرير كشفت أجمل ما فينا.. علاقات القربى والجيرة والاجتماع على الفكرة والرهان على الحلم وامتد هذا الاكتشاف أيضا، إلى دوائر أوسع ، يلمسها أمثالي ممن يقطعون أكثر من 13 كيلو مترا، مشيا على الأقدام فى طريق العودة فجرا، ويرون أصحاب السيارات يدعون مشاة لا يعرفونهم إلى الركوب.
مضيفًا: “لا يخشى المشاة أن يكون قائدو السيارات محتالين، ولا يخشى هؤلاء أن يكون المشاة لصوصا أو بلطجية، سرعان ما يكتشف الطرفان أنهم ينتمون إلى دولة ميدان التحرير.. زلزال الميدان له آثاره الكبري، فالعالم يرانا وها هى المظاهرات تنطلق اليوم من كوريا الجنوبية للأرجنتين تساند المصريين”.
ويوم الجمعة 11 فبراير يقول: “كنت استقبل صباحات أيام الثورة بالتفاؤل لم أكن قلقا إلا صباح يومى 28 يناير جمعة الغضب و11 فبراير جمعة التحدي، يشكل هذان اليومان قوسى حدث كبير، شهدت بعض أيامه مفاجآت تراجيدية ، ولكنها كانت تفاصيل محتملة وواضحة ويمكن التصدى لها وإن كانت دامية ، مثل موقعة الجمل”، وهو لا ينسى أن يضيف أن 18 يومًا أنهت 30 عامًا من الفساد.
جيل ثورة جديد
من جانبه يقول الدكتور سيف عبد الفتاح،أستاذ العلوم السياسية :”يريدون أن يخيفوا بعض هؤلاء الشهود ويقتلوا بعضهم ويختطفوا بعضهم ويعتقلوا الآلاف، ويتناسى أن التفتيش عن الثورة لا يكون بأي حال من الأحوال بتخويف هذا الجيل الذي قام بها ورفع شعاراتها لأنه ينسى أن فكرة الثورة صارت ميراث يسلم من جيل إلى جيل، جيل شباب كان أطفالا، وصار الآن يحمل جذور ثورة جديدة، أقول هذا وأنا أؤكد تلك القرائن لا أحاول بأي حال من الأحوال أن أقدم أماني أو أبيع أوهام”.
وتابع:”الثورة قائمة، وإلا لو انتصر هؤلاء وانتصرت ثورتهم المضادة فلماذا يجتهدون في طمس هذه الثورة وشعاراتها ويحاولون إخفاء هذه الأيام وذاكرتها؟!، معركة الذاكرة تدور رحاها يحاول هؤلاء الأوغاد من ثورة مضادة أن يسقطوا أيام بعينها، فكيف تسقط أيام فيها حياة شعب وإرادة وطن؟!، كيف تسقط هذه الأيام وهي في ذكرى الناس، ذكرى الحرية والكرامة والعزة والمكانة، كيف لهؤلاء يقوموا بكل ما قاموا به فلا يستطيعون أن ينجحوا في معركة الوعي والذاكرة؟!”.
مضيفًا: “قرينة أخرى نزفها لهؤلاء فإن الرأس المدبر لانقلاب قطع الطريق على مسار ديموقراطي، لم ينجح إلا أن يدير مشهدا في تجديد رئاسة مغتصبة إلا بانتخابات قسرية، كل الدنيا تكتب وتتحدث وتتناقل حول هذا النظام الفاقد للشرعية وانتخابات آتية فاقدة الحجية والشرعية والنزاهة والمصداقية”.
هل هناك أمل؟
بين دموع الفرح وترقب الأمل بسقوط الانقلاب، تقول هند مجدي، وهي مدربة أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، إن سعادتها برؤية مئات الآلاف من المصريين في ميادين مصر، يطالبون بإسقاط المخلوع مبارك وتطبيق الحرية والديمقراطية، جعلها تذرف الدموع.
غير أن هند (28 عاما) عادت واعتزلت السياسية بعد انقلاب 30 يونيو 2013، قائلة: “أشياء كثيرة تحطمت بداخلي، أهمها الأمل والحلم، فقررت عدم المشاركة في أي فعاليات سياسية حتى يظهر أمل يجدد الدماء في عروقنا”.
وتتابع هند أن “المكاسب التي تحققت بعد الـ18 يوما للثورة المصرية كانت هائلة الآن لا ميادين ولا نقابات ولا حريات ولا مظاهرات ولا أمل في التغيير”.
وبنبرة أسى وحزن شديدين تختم الشابة المصرية بقولها: “كنا كلنا سعادة وأمل في أن نصنع حلما وهدفا مشتركا ونبني البلد ونُحسن من معيشة البسطاء بتحقيق العدالة الاجتماعية ورفع سقف الحريات في المجتمع، لكن ضاعت الأحلام”.