من الصناعات التي تفوقت فيها أوربا على العالم كله, صناعة الطراطير وهي ليست صناعة معقدة كما يعتقد البعض ولكنها تتطلب حرصاً وحرفية عالية, فالطرطور قد يكون بحجم دولة, وأي خطأ صناعي قد يجعل من الطرطور ( ورق تواليت ).
تعالوا نلقي نظرة سريعة على احد مصانع الطراطير.
خلف المصنع ستجد كراكيب وأقمشة من مقاسات وألوان مختلفة, فهناك قماشة اشتراكية نضالية بخلفية عسكرية وهناك قماشة وطنية ترتدي الطربوش وتقفز على مصر من المنفى, وهناك قماشة أخرى عسكرية انفتاحية يتم صناعة نصر كامل لها للنصب على عقول البسطاء, وهناك قماشة أخرى بنكهة الديموقراطية صنعت خاماتها في النمسا وفي أروقة الأمم المتحدة.
خلف مصنع الطراطير, ستجد طراطير واسعة الحجم تناسب شعباً باكمله وطراطير بنكهة الصحفي المناضل مثل ( ابراهيم عيسى ) وستجد طراطير اعلامية تظهر على الشاشات وتحارب الفساد مثل ( وائل الابراشي ) أو مرشح رئاسي طرطور مثل (هشام بسطويسي) الذي كان يتقاضى تمويلاً من السفارة الأمريكية هو وعدد كبير من السياسيين الطراطير ونشطاء الحناجر.
طراطير من كل لون ومن كل نوع ومن كل حجم, ولكل الأعمار والفئات.
طراطير بحجم دول وطراطير بحجم شرائح عمرية بعينها.
في مصنع الطراطير هناك قسم مختص بـ ( المعالجة الطرطورية ) وهو القسم الخاص بإزالة أي إشارة تدل على بلد المنشأ وفي هذا القسم ستجد طرطور عبد الناصر, دقق النظر قليلاً, ستجد كتابة مطموسة, امعن النظر فيها لتقرأ عبارة ( صنع في المخابرات الأمريكية ).
في ركن مهمل علته الأتربة ستجد طرطور سعد زغلول, الزعيم الوطني, الذي تمت صناعته على أيدي المندوب السامي البريطاني ومكاتب المخابرات البريطانية بالقاهرة, والذي عينه الانجليز وزيراً للمعارف و هو من الطراطير الفاخرة التي خضعت لعملية اعداد طويلة, وبغرض التجويد تم نفيه من مصر للقفز على ثورة 1919 وارتدى الشعب الطرطور بنجاح.
طرطور آخر فاخر هو طرطور بطل الحرب والسلام والطرطور يحتل مكاناً بارزاً بين باقي الطراطير, فدوره كان هاماً وهو توقيع اتفاق السلام مع العدو الصهيوني, ولذلك مر بمعالجات صناعية شاقة وصنعت من أجله حرب بإخراج مدير قسم الطراطير وقتها ( هنري كيسنجر ).
في الأقسام الأحدث من المصنع ستجد طراطير أقل فخامة, فالمصنع لم يعد بنفس الكفاءة والاسطوات الاحدث أقل حرفية من الاسطوات السابقين.
ابحث قليلاً في الكراكيب ستجد طرطوراً مصنوعاً في وكالة الطاقة الذرية بإسم البرادعي, لن تحتاج لجهد لتقرأ بلد المنشأ مما يدلك على أن قسم ( المعالجة الطرطورية ) لم يعد بنفس الكفاءة السابقة.
ويقول أحد الاسطوات على المعاش ان صناعة الطرطور ليست معقدة كما يبدو.
ففي المرحلة الأولى من الطرطور يجب التعرف على الطرطور المحتمل أولاً, ففي حالة سعد زغلول مثلاً كان الرجل جاهزاً وتم التعرف عليه بشكل كامل والتأكد من أنه طرطور بكل معاني الطرطورية اثناء زياراته لصالون نازلي فاضل والذي كان وقتها ورشة صغيرة تابعة لمصنع الطراطير.
المرحلة الثانية هي مرحلة تطويع القماشة ( وفيها يتم كسر عين الطرطور وأخذه في جولة خلف مصنع الكراسي عن طريق تمويل من السفارة كما حدث في حالة ( هشام بسطويسي ), او براتب ثابت من اعتمادات المخابرات الأمريكية كما في حالة السادات الذي شهد عليه نائبه حسين الشافعي والذي فضحه كتاب ( البومرانج ) والصحفي الأمريكي جيم هوجلاند في الهيرالد انترناشيونال.
المرحلة الطرطورية الثالثة هي صناعة تاريخ نضالي للطرطور مثل معارضة نظام المخلوع كما في حالة البرادعي مثلا.
وبعد الانتهاء من المراحل الثلاث يصبح الطرطور جاهزاً بالهنا والشفا
والبس وانبسط يا شعب
و للحديث بقية ان شاء الله
تاريخ النشر: 7-7-2015