تصور مجموعة من البشر تم حشرهم في صندوق حديدي وخارج الصندوق تقف مجموعة من المرضى المشوهين تتبادل الضحكات وهي تطلق الرصاص وقذائف الدخان عليهم.
مذبحة تذكرك على الفور بسلوك العصابات الصهيونية في مجازر صبرا وشاتيلا ودير ياسين.
تخيل فتاة صهيونية تنظر ضاحكة في جنون وتوحش إلى كفيها الملوثتين بالدماء بعد مجزرة بُقرت فيها بطون النساء الحوامل ومثل فيها بجثث الأطفال, وهو مشهد حقيقي تحدث عنه أحد مراسلي الصحف الغربية بعد مجزرة دير ياسين.


قارن بين المشهد السابق وبين مشهد ضباط ميليشيات الشرطة الواقفين في قاعة المحكمة يبتسمون في استهتار بعد أن ازهقوا 37روحاً.


في المدرسة عندما كنا صغارا كانوا يعلموننا حديثا للرسول عليه الصلاة والسلام يروي كيف دخلت امرأة جهنم في قطة حبستها ومنعت عنها الطعام حتى ماتت, تخيل على الجانب الآخر مجموعة من السفاحين المرضى يطلقون الرصاص على مجموعة من البشر داخل صندوق حديدي كما لو كانوا يمارسون احدى الألعاب الالكترونية ويتسابقون على اصابة الاهداف.
خلال ساعات من تلك اللعبة المجنونة والتي لابد أن أصوات دعاء الشهداء ارتفعت خلالها واخذت جدران عربة الترحيلات في الاهتزاز من دقاتهم وأنينهم الذي يعلو كلما اصابت واحد منهم رصاصة أو قنبلة غاز, ازهقت أرواح 37 انساناً واقيمت المآتم في 37 منزلاً وعاد القتلة إلى بيوتهم ليتناولوا طعام العشاء بعد أن تسلوا بقتل مجموعة من الأسرى.


الصحافة الغربية من جانبها كتبت عن المجزرة, بعضهم كتب نتيجة اشمئزاز حقيقي من بشاعة المجزرة والبعض الآخر يكتب ليذر الرماد في العيون.
اما السياسيون الغربيون الذي رأوا في الانقلاب ضرورة للتخلص من الاسلاميين في مصر, فلم يزد رد فعل احدهم عن اوه يالها من مجزرة !!
ولن تجد منهم رد فعل حقيقي الا على طريقة (كخ كدة)
ثم يستمرون بامداد عصابة الانقلاب بالسلاح ويتمنعون قليلاً في صرف المعونة الامريكية والاباتشي حتى تهدأ الأمور.


في بورما مثلا يتم ذبح المسلمين والتمثيل بجثامينهم وفي افريقيا الوسطى يحرق المسلمون وتسفك دماءهم في المساجد, فإن كتبت الصحافة الغربية عن ذلك فأنها تكتب على استحياء وبلهجة خبرية يغلب عليها الشك مع استيراد تفاصيل أخرى من الرواية المقابلة لكيلا يتعاطف القاريء مع ما يجري للمسلمين من مجازر.


اما عندما تطلق المقاومة الفلسطينية صاروخاً ترد به عدوانا صهيونيا, تبدأ ماكينة الدعاية في العزف, وتنشر الصور المختارة بعناية لتعبر عن معاناة “الاسرائيليين” وتكتب القصص الصحفية المتقنة لتدمع عينا القاريء الأوربي.


ووضع مصر بالنسبة لهم يختلف كثيراً عن بورما, فانتصار الثورة في مصر يعني بداية الخطر الحقيقي على الكيان الصهيوني, فيتعاملون مع المجازر التي تجري في مصر على طريقة تنفيس الغضب الشعبي, وهم يدركون افضل مني ومنك أن المصريين لم يعودوا يصدقوا الإعلام أو على الأقل لم يعد تأثيره بنفس القدر منذ سنتين.
ويدركون أن شعوبنا تعتقد في اعلامهم المصداقية ويعلمون أن صحفنا ومواقعنا الاخبارية الرافضة للانقلاب تتسابق لترجمة ما ينشرونه.
ماكينة كاملة يعمل بها خبراء دعاية وصحفيون محترفون, هدفها في النهاية عقلك, ماكينة تصدر لك اخبارا صحيحة وتضع بداخلها السم الذي يلتقطه عقلك دون أن تشعر.


تظن أن الصحافة الغربية لا تكذب ؟
حسناً
الصحافة الغربية كانت هي من روج لحكاوي بوش عن البرنامج النووي العراقي الذي اتضح فيما بعد انها مجرد أكاذيب.
بل أن لديهم لميس وخيري رمضان ولا تستغرب, ففي يوم 11 سبتمبر سنة 2001 اذاعت مراسلة البي بي سي من نيو يورك خبر انهيار احد الابراج قبل انهياره بنصف ساعة وكان البرج واضحاً خلفها وصار الأمر فضيحة كبرى, استطاع الاعلام الغربي كتمها لولا أصوات صادقة هنا وهناك.


اذا اردنا أن ننتصر, علينا قبل كل شيىء أن نمتلك اعلاماً مستقلاً يدرك كيف يتعامل مع تلك الآلة العملاقة, فالصحافة لم تعد مهنة كتابة التحقيقات عن رواتب مدير مكتب المحافظ (وان كان لهذا اهميته) ولكنها معركة دعائية شرسة تستهدف عقلك.


لا تفتنوا ولا تفرحوا بخبر ادانة لمجزرة ما أو وصف مهين لقملة الانقلاب في احدى الصحف الغربية, بل حللوا كل كلمة في الخبر وابحثوا عن اسم الكاتب واتجاهاته السياسية وتاريخه وارشيف مقالاته مواقفه السابقة, نحن في حرب تخوضها في مصر عصابة احتلال, وتدعمها منظومة جبارة في الاعلام الغربي بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
رحم الله شهداء عربة الترحيلات.