توقع خبراء أن ترتفع حدة جرائم الاحتيال المالي خلال الفترة المقبلة، مشيرين إلى أن هذه الجرائم تتسبب في انخفاض القدرة التمويلية للدول عبر حرمانها من مستحقات ضريبية تستخدم في دعم الرفاهية العامة للمجتمع، كما يؤدي إلى نفور الشركات الدولية من الاستثمار في تلك الاقتصادات، ويعرض بعض القطاعات الاقتصادية الرئيسة كشركات التأمين والمصارف إلى خسائر مالية، تفقد المستثمرين المحللين أو الدوليين الرغبة في الاستثمار في تلك القطاعات الاستراتيجية للنمو الاقتصادي.
وقال الخبير الاقتصادي في مجال مكافحة الاحتيال، أرون أندي، إنه قد يصعب وأحيانا يستحيل وضع رقم لتكلفة الاحتيال الاقتصادي محليا أو دوليا، ولكن من المؤكد أن الظاهرة في إطار التنامي، وخلال السنوات الثلاث الأخيرة نمت على المستوى الدولي بنحو 14 بالمائة، كما أن الشركات الدولية التي تعرضت لخسائر نتيجة الاحتيال ارتفعت نسبتها من 64 بالمائة إلى 69 بالمائة، ولهذا يمكنا القول إن تكلفة الاحتيال الاقتصادي تتراوح حاليا بين 3 إلى 6 بالمائة من إجمالي الاقتصاد العالمي.
ووفقاً لصحيفة “الاقتصادية”، أكدت الدكتورة إليزابيث دنت، أستاذة التجارة الدولية، أن السنوات المقبلة ستشهد مزيدا من اتساع نطاق عمليات الاحتيال الاقتصادي، وتعلق قائلة: “نمو معدلات التجارة العابرة للحدود، يحمل في طياته بذور اتساع نطاق الاحتيال الاقتصادي، إضافة إلى أن سلسلة إمداد الشركات الدولية بالمنتج النهائي، تتضمن مساهمة أو مشاركة العديد من الشركات الصغيرة، وبذلك يصعب أو يستحيل أن تكون جميعا تحت السيطرة”.
وأضافت: “تشير بعض الدراسات الحديثة، إلى أن 20 بالمائة من الشركات التي يزيد حجم نشاطها التجاري عن 500 مليون دولار سنويا، تشعر بأنها عرضة للاحتيال بشكل أكبر من الشركات التي يقل حجم نشاطها التجاري عن 500 مليون دولار سنويا، حيث أظهرت الدراسات أن 14 بالمائة فقط من تلك الشركات تعتقد أنها عرضة للاحتيال، والسبب في ذلك يعود إلى ما يعرف بسلسلة الإمداد، التي كلما طالت وزاد عدد المشاركين فيها باتت إمكانية الاحتيال أكبر”.
وتضيف الدكتورة إليزابيث سببا آخر لاتساع نطاق الاحتيال الاقتصادي عالميا قائلة: “توسيع الشركات لنشاطها التجاري والسعي لفتح أسواق جديدة في مناطق جغرافية ليس لديها معرفة تامة بها أو بثقافتها أو القوانين السائدة لديها، يجعل تلك الشركات عرضة للاحتيال الاقتصادي”.
ويعتقد بعض الخبراء، أن زيادة نطاق الاحتيال الاقتصادي، يعود في جزء كبير منه إلى أن وسائل الإعلام والأجهزة الأمنية ينصب تركيزها في المرحلة الراهنة على القرصنة الإلكترونية، التي باتت تمثل تهديدا للنشاط الاقتصادي، وإذ لا يستطيع أحد إنكار التهديد الذي تمثله عمليات القرصنة الإلكترونية، إلا أنها تمثل دائما هجوما من قوى خارجية على الشركة المستهدفة.
وكشفت دراسة لشركة “إكسبرين” للتقييم المالي أن إجمالي الخسائر التي تعرض لها الاقتصاد البريطاني نتيجة الاحتيال الاقتصادي بلغت 193 مليار جنيه إسترليني العام الماضي، مقابل 50 مليار إسترليني وفقا لتقديرات الحكومة البريطانية عام 2013.