يحلو عادة لقطعان العلمانيين المهزومين نفسياً أن يرددوا أن الحملة الفرنسية جاءت بالخير لمصر وأن يتحدثوا عن تفاصيل الابحاث العلمية وخلافه, والحقيقة أن الفرنسيين لم يكونوا رسل التقدم لمصر, بل أن مصر ببساطة كانت تمر بحالة تردي إداري انعكس على جميع المجالات, كان من بين اسبابها انشغال مركز الخلافة الاسلامية, في اسطنبول بانقلابات الانكشارية التي أحدثت حالة من الفوضى الشديدة, ولكن الهوة الحضارية بين الفرنسيين والمسلمين متسعة بالشكل الذي يحاول العلمانيون تصويره, فالهزيمة العسكرية التي لحقت بنابوليون وجيشه عند أسوار عكا, تثبت أن الصراع بين الفرنسيين والمسلمين كان صراعاً بين انداد من الناحية العسكرية على الأقل.
الهزة النفسية التي تعرض لها البعض اثناء الاحتلال الفرنسي لمصر, دفعت البعض إلى الاعتقاد أن السير على خطى فرنسا هو الحل الأمثل للتقدم, وعززت فرنسا هذا الاتجاه عن طريق رجلها في مصر محمد علي, والذي تركته قبل أن ترحل ( تماماً كما لم يرحل الاحتلال البريطاني عن مصر الا بعد أن تركت السي آي إيه رجلها في مصر عبد الناصر ).
عمل محمد علي على اضعاف الخلافة العثمانية من الداخل, وساعد فرنسا على احتلال الجزائر وعمل على علمنة مصر عن طريق ارسال البعثات إلى فرنسا وتغيير الهيكل الاداري للدولة عن طريق الاستعانة بغير المسلمين … الخ
فالمنهج الذي اتبعته فرنسا في مصر عبر رجلها محمد علي, لم يختلف عن المنهج الذي اتبعته انجلترا أو امريكا فيما بعد, وهو تشكيل جيش يعمل كقوات حراسة للحاكم العميل, ودعم تلك المنظومة بعناصر تتلقى تعليمها في بلادهم لتعمل على تثبيت أركان حكم العميل, ( النموذج نفسه بحذافيره, تكرر بعد الاحتلال البريطاني لمصر, فتم حل جيش عرابي وتشكيل جيش صغير من 6 آلاف جندي بأمر من اللود دافرين سنة 1886 كان نواة الجيش الحالي, واستنسخت التجربة للمرة الثالثة على يد المخابرات الأمريكية مع رجلها في مصر, عبد الناصر )
عصابات العسكر وقطعان العلمانيين هم زوج من الأحذية يرتديهما المحتل لا غنى لأحدهما عن الآخر, فبدون سلاح العسكر, تظل الأفكار العلمانية اللقيطة, هلاوس غير قادرة على التعبير عن نفسها, وبدون الغطاء الذي يوفره القطيع العلماني, يظل ( بلطجية ) العسكر, قطاعاً للطرق, بتعبير آخر العلمانيين هم المخ والعسكر هم العضلات, والحقيقة أن العلمانية منتج شديد التخلف والعفونة, نشأ في حاضنة بدائية لا ترى حلولاً سوى قطع ذراع الكنيسة, إلى أن امتدت إلى كل شيىء. ربما لم تكن الثورة الفرنسية تتمتع برفاهية البحث عن حلول اصلاحية, فالكنيسة بخزعبلاتها البدائية المعادية للعلم وتدخلها حتى في اختيار الحكام, وملكيتها لـ 10% من أراضي فرنسا في الوقت الذي كان الفرنسيون لا يجدون خبزاً, اصبحت عدواً يجب اسقاطه. وعلى الرغم من أن شروط الحالة الفرنسية لم تنطبق على الخلافة الاسلامية, لكن القطيع العلماني انتحل الحالة الفرنسية, فاستورد المشكلة ( الغير موجودة ) ثم استورد لها حلاً غير ممكن !!
وعبر حوالي قرنين من الزمان لم يقدم زوج الأحذية ( العسكري \ العلماني ) لمصر وغيرها من البلاد الاسلامية سوى المزيد من التخلف والفقر والتبعية والجهل, وانعكست حالة التخلف العلمانية العسكرية حتى على عصابات العسكر انفسهم, فانتجت مؤخراً نماذج مشوهة عقلياً ونفسياً مثل شاويش الانقلاب المرتد, المفلس فكرياً الذي لا يستطيع تكوين جملة واحدة سليمة, وذلك الجاهل الآخر الذي يدعو لخلع الحجاب.
على حين قدمت تركيا نموذجاً من التقدم الاقتصادي والصناعي تحت حكم (الاسلاميين) كما يحلو للبعض وصفه حتى انتجت أول هليكوبتر وأول دبابة, وانتجت مصر أول نموذج لتابلت مصري, خلال عدة شهور من حكم الرئيس (الاسلامي) محمد مرسي, بل وحتى على المستوى السياسي, نجح الرئيس الاسلامي في حل مشكلة الجنود المخطوفين في سيناء بينما تقف عصابات العسكر بجيشها ومخابراتها ومن خلفهم قطعان العلمانيين, عاجزين يبللون سراويلهم ويهربون بالدبابات أمام بنادق المسلحين في سيناء وينتهك المسلحون شرفهم العسكري يومياً ويستولون على مدرعاتهم ويأسرون ضباطهم. ولا توجد الآن أي حلول متاحة لترميم مصر والتخلص من التبعية, سوى التخلص من زوج الأحذية العسكري \ العلماني الذي يرتديه الاحتلال المقنع.
الحقيقة أنه علينا كما تخلص الفرنسيون من سيطرة الكنيسة وخزعبلاتها بالثورة الفرنسية, فإنه يجب علينا أن نتخلص من عصابات العسكر وقطعان العلمانيين, يجب علينا أن نشنق أخر علماني بأمعاء أخر عسكري.