بقلم| محمد عبد العزيز
قيل للمصطلطخ ابن المستكين إن البغاء قد دخل حَيُكُم، فأجابهم: وما يضيرني؟ طالما هو بعيد عن بيتي، ثم جاءوه بعد سنة و قالوا له إن البغاء قد دخل البيت الذي تسكنه، فقال لا يهم طالما هو بعيد عن شقتي، و بعد شهر واحد قالوا له إن البغاء دخل شقتك قال لا يهم طالما هو خارج حجرتي، و بعد أسبوع قالوا له إن البغاء دخل حجرتك فقال لم يصل إلى سريري، ثم نام مطمئناً.!!!
رحم الله أمي، لما اشترينا أول تلفزيون أبيض و أسود و رأت فيه مشهد ممثل يقبل ممثلة اعتقدت أنهم متزوجين و لما أقسمنا لها بالله أنهم غير متزوجين أصابها العجب و الدهشة و الصدمة.!!!
حقيقة واقعية: الدعارة دخلت بيوتنا، فكرياً و بصرياً على أقل تقدير.
أول مرة أرى (برتوكول) تقبيل الزوجات من أصدقاء أزواجهم كان في نشرة أخبار التلفزيون المصري الرسمي عند نزول السادات و جيهان و استقبال جيمي كارتر لهم مع زوجته في المطار في أمريكا و تقبيل كل منهما زوجة الآخر.
أول مرة في حياتي أرى امرأة عارية كما ولدتها أمها كانت على التلفزيون المصري الرسمي قبل نحو ثلاثين سنة، في مشهد مفاجئ بلا مقدمات بينما كنت أشاهدت الفيلم الأجنبي جامع الفراشات في عرضه الأول ببرنامج نادي السينما.
مشهد يختصر الصورة:
في أوتوبيس نقل عام قبل نحو خمسة و عشرون سنة وقفت بجواري امرأة محجبة الرأس و على وجهها مكياج فاحش من كل ألوان الطيف تعجبت في نفسي من هذا التناقض و أشحت بوجهي لأسفل لأفاجأ بأنها ترتدي تنورة قصيرة عند الركبة.!!!
بيوتنا و شوارعنا و جامعاتنا و مصالحنا (مِكس) كل شيء و العكس، مسلمون و كذابون ، مصلون و فاحشون، صائمون و نمامون، نساء تحب التبرج و إظهار مفاتنها في الشوارع مع الاحتفاظ بالعفة.!!!
كُتُب التاريخ في مصر تحدثنا عن عظمة و نزاهة عبد الناصر أنذل و أفشل و أكبر خائن و مخادع و أفَّاق قي تاريخنا الحديث، و تعدد لنا أفضال و مآثر الحملة الفرنسية على مصر.!!!
البرامج الدينية مع الإعلانات العارية، تلاوة القرآن مع بذاءة الكلام، تلفزيون يعرض كل أصناف الموبقات فوقه مصحف كبير.!!!
للأسف الدعارة تدخل بيوتنا و تحيط بنا من كل جانب، و تمر علينا صباح مساء، اليوم الذي أحاول فيه برمجة الريسيفر لحذف بعض القنوات أتعرض لما لا يقل عن عشرة مشاهد داعرة أثناء الفحص، كلما دخلت جوجل للبحث عن صورة أجد الصور الإباحية بجوار صور العلماء، حتى وصل الأمر أني وجدت ذات مرة إعلان تجاري مثير على أحد محركات البحث في القرآن.!!!
في الحقيقة هذا الخليط العجيب غير المتجانس الذي نعيشه و نتعرض له هو سبب الصدمة و الصراع النفسي و العلل الفكرية التي أصابتنا و أصابت أبناءنا، إلا ما رحم ربك، و أنتج شخصيات مشوهة الفكر غير متسقة مع ذاتها و أفكارها، أوصلتنا لما نحن فيه من شتات فكري و قيمي و أخلاقي، و لعل هذا من أهم الأسباب التي تفسر حالة الدعارة الفكرية التي يعيشها و يمارسها مؤيدي الانقلاب بصفة خاصة.
……… محمد عبد العزيز ………