بقلم| أمينة أمين
عيونناَ إليك ترحلُ كل يوم، التي قيلت في زهرة المدائن، القدس المغتصبة الممنوعة عن المسلمين للصلاة في أقصاها، لم تعد حكراً على بيت المقدس، و لم أتخيل أبداً أنه سيأتي اليوم، الذي تكون فيه مساجد بقية البلاد العربية، وأخص بالذكر مساجد الجزائر، البلد التي أنتمي إليها، تكون ممنوعة على المصلين، بحجة جائحة الكورونا، حفاظاً على سلامتهم، الحجة التي بات المجنون قبل العاقل لايؤمن بها، وهو يرى عودة الحياة إلى أغلب الأنشطة المختلفة وسط الإزدحام، و أن أصحاب القرار الغير الشرعيين هدفهم قتل الحراك الذي كان ينطلق بعد صلاة جمعة، عبر كامل ربوع الوطن، التوقيت الذي كان يضبط الموعد ولا يُخلف ميعاده. لكن أين هم أهل الحراك ؟!
أيعقل أن الجميع يعلم مدى خبث العصابة الحاكمة وحججها الواهية، و التماطل في الوقت، وتزيد في مهلة الحجر، كلما إنتهت، أن لا تأخذكم العزة و لا يحرركم الإستفزاز، للخروج إلى الشوارع وإستكمال مسيرة العام ونصف من الحراك، وإعادة فتح مساجدكم وبث روح التغيير من جديد، كما كان شعاراكم في السابق “يتنحاو قاع” (التنحية للجميع). ماذا أصابكم باللّه عليكم .. ؟
كيف يمكنكم إنتظار الإذن من حكم غير شرعي، لقيط وبغيض، أن يمنحكم حق الخروج للإطاحة به، كيف للجلاّد أن يمنح الحرية لمن يطلبها. القرار المشروط بإعادة فتح المساجد بالتدريج، و تتسع للألف مصلي فما فوق، بإستثناء بقية المساجد، التي تقع في الأحياء المعروفة بحرارة وشعلة الحراك تظل مغلقة إلى إشعار آخر. وليت الأمر توقف عند هذا الحد، بغض عن بقية الشروط الأخرى كالإلتزام بالتباعد ولبس الكمامة داخل المساجد، تم التصريح لتأدية صلاتي الظهر والعصر فقط دون الصلوات الأخرى، أما صلاة الجمعة تصلى، صلاة الظهر.
الشيء الذي يتنافى مع كتاب الله و سنة رسوله. أليس هذا العبث خير دليل على أن العصابة تمكّنت من فرض منطقها، وأنتم ستنفذون قرارتها وتنسون الحراك، وهمّكم فقط في تأدية الصلاة داخل المساجد، بدليل أنكم، هلّلتم وفرحتم لقرار عودة الفتح المشروط.
هذا في حد ذاته إعتراف بتبون والجنرالات الغير الشرعيين. فإني واللّه أرى وألتمس فيكم الحديث الشريف لسيد الخلق أجمعين، و قد أصابكم نصيب منه ، 《 لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ》 الأصوات التي كانت ضد تعليق الحراك، و حذّرت من العواقب التي ستؤدي إلى إضعاف وتيرته حتى الفتور ثم التجميد والنسيان، كانوا هم الأصدق و الأجدر أن تُتّبَع أرائهم الصائبة.
أما الصفحات التي كانت في خدمة الحراك، أصبحت تقدّس الأشخاص، وتصنع منهم الرموز والأبطال، على حساب الهدف الذي خرج لأجله الملايين، وهو التغيير والتحرير. كفانا من التقديس والتلميع، لسنا بحاجة إلى عودة مظاهر العبودية، نحن في أمس الحاجة إلى الأفكار وخارطة طريق نلتف حولها جميعاً، و التي تمكّننا من إسقاط العصابة الحاكمة والتغيير الجذري. إن من شروط الثورة، النزول للشوارع والإلتزام بالعصيان المدني والإضراب العام والشامل و مقاطعة كل مايربط بالحكم الغير الشرعي والتمرد عليه حتى يتحقق المبتغى