بقلم| محمد عبد العزيز
كل من له مبدأ يعيش عليه و يتمسك به هو في الحقيقة ممثل لهذا المبدأ، بمعنى أنه يجسد و يشخص مبادئه في معظم تصرفاته و أفعاله و أقواله و مساعيه، و هذا ما نسميه تمثيل المبدأ. أما مبدا التمثيل فهو فن اللامبدأ حيث يقوم الإنسان بتقمص و تشخيص شخصيات لا تمت له بصلة، يدعي أفكاراً لا يعتنقها و قيماً لا يحملها و يُظهر مشاعراً لا يشعر بها فيتمثل شخصية مزيفة تطابق صورة و تصرفات شخصية أخرى حقيقية باحتراف و براعة مقنعة للمشاهدين، هذا باختصار حال الممثل الاحترافي و أيضاً حال المنافق المحترف.. و لأن الإنسان كائن إدراكي حساس فمن السهل على من يملكون المهارات التمثيلية الكافية تكوين ثقافته و توجيه أفكاره باللعب على عواطفه و مشاعره. بالرغم من وجود حاجة للتمثيل لفوائد و أغراض تعليمية و توضيحية و تثقيفية، إلا أن التمثيل بدأ سيء السمعة و ارتبط كثيراً بالكذب و الخداع.. أول ممثل في تاريخ البشرية إبليس عندما مثل على آدم دور الناصح الأمين و نصحه و حواء أن يأكلا من الشجرة المحرمة حتى يصبحا ملكين أو يكونا من الخالدين، ولا زال التمثيل و الخداع بين بني البشر مستمراً، يمثل النصاب على ضحاياه كافة الأدوار المطلوبة، يمثل الكهنة على المتدينين دور المعرفة و القداسة، و يمثل الفراعنة على الشعوب دور الأنبياء و الآلهة، و يمثل المضلين أدوار المصلحين، يمثل الجاسوس على مجتمعه، و النجم على جمهوره، حتى نصل إلى الزوج و الزوجة يمثل كلاهما على الآخر، و الطفل يمثل على أبويه.!!!
الوسط الفني المصري الحالي و للأسف مجتمع نفاق بامتياز، و واحة للتدليس و الدياثة مليء بالنماذج الفجة التي لعبت بعواطف و عقول الجماهير و اكتسبت قدراً كبيراً من الاحترام و التقدير من خلال أدوار تمثيلية عن النزاهة و الشهامة و البطولة و الفداء و محاربة الظلم وتحدي الحاكم المستبد، … إلخ، و هم على الحقيقة بينهم و بين هذه القيم و المبادئ بُعدَ المَشرِقَين.
اخترت لكم ثلاثة فنانين انخدع فيهم ملايين المصريين كعينة و مثال لدياثة القيم و نفاق المبادئ.
1- عادل إمام: ملأ الدنيا بأفلام الجدعنة (سلام يا صاحبي)، و الوطنية ( احنا بتوع الأوتوبيس) و الإخلاص و مقاومة و رفض الظلم ( شمس الزناتي) و التهكم على الحاكم المستبد ( الزعيم )….. إلخ. ثم يتضح لنا أنه من أكبر مناصري الإنقلاب المجرم، المنحازين له انحياذاً أعمى، عدو للديموقراطية و الحريات، و الإسلام و المسلمين.
2- محمد صبحي : لعب على عواطف الناس و ظهر بمظهر الفنان المثقف الحكيم الملتزم الباحث عن حقوق اليتامى ( الجوكر)، محارب الفساد ( وجهة نظر)، المواطن الوطني الشريف ( يوميات ونيس). و أخيراً، شاهدناه بعد الانقلاب في برنامج «هنا العاصمة» المذاع على فضائية «سي بي سي»، يطالب السيسي بإغلاق مصر و قتل كل من يقترب من الوزارات بدون تفاهم، و يوحي له بتوسيع دائرة اتهام الإسلاميين، و يستشهد بأن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بذلك حينما حدثت بها أحداث 11 سبتمبر، أغلقت حركة السفر لمدة 3 أشهر وأتهمت المسلمين كلهم بالإرهاب، وحينما قام شاب بإطلاق رصاصة عند البيت الأبيض تم إطلاق الرصاص عليه مباشرة وسقط قتيلاً. هذا ما انتهى إليه نفاق محمد صبحي الوطني أبو مبدأ، أن يقدم للسيسي خطة تطوير الإستبداد و يناشده تفعيلها.
3- علي الحجار: صوت متميز و أغاني جميلة دينية و عاطفية و وطنية و صاحب أروع أغنية رمزية عن الحرية ( قلب الليل)، و في الختام قمة السفالة (إحنا شعب و انتوا شعب لينا رب و ليكوا رب).!!! سقطت كل الأقنعة. هذه عينة من حثالة فنانين لا أكاد احصيهم مثلوا علينا دور القيم و المباديء و ما هم إلا مرتزقة لا يختلفون كثيراً عن قناصة السيسي سخروا مواهبهم لخدمة النظام القمعي و تجميل فساده و باعوا لنا الوهم و ضللوا الجماهير.. تحيرني كلمات علي الحجار في أغنيته الشهيرة التي يقول فيها (انكسر جُوُّانَا شيء) يا ترى ما هو هذا الشيء الذي انكسر (جُوُّاَه) و متى، و كيف، و أين أُدخِل هذا الشيء في علي الحجار؟ و هل دخل مثل هذا الشيء في كل شعب السيسي؟” و ماتفهمونيش غلط”
محمد عبد العزيز 16/12/2015