بقلم| محمد عبد العزيز
الأساس المشترك في المجتمعات الناجحة هو حكم الأغلبية. فالمنطق السليم يعطي الحق للغالبية العظمى في حكم أي مجتمع و قيادته و تحديد هويته التي هي بالفعل هوية سكانه أو سوادهم الأعظم. و المشترك الأعظم للمجتمعات الفاشلة و المتخلفة، هو حكم الأقلية، و هذا هو السبب الجوهري لحرص الصهيونية العالمية و في ركابها الحكومات الغربية على تنصيب الأقليات حكاماً على الدول العربية، و الهدف ببساطة: “ضمان الإنحطاط” فالأقلية سواء كانت عرقية او دينية أو إثنية إذا وصلت لرأس الحكم تحصل على مكانة و مكاسب تعلم انها لا تستحقها و يتعاظم قلقها من الأغلبية المتمثلة في عموم الشعب الذي تحكمه فتلجأ تلقائياً إلى التالي:
1- عدم التنازل عن الحكم، إما بجعله وراثياً أو بالتزوير الممنهج للإنتخابات.
2- البطش و التنكيل و تكميم الأفواه.
3- إقصاء المخالفين و تمكين المنافقين و الوصوليين من المناصب الكبرى في المؤسسات الدينية و القضائية و الجيش و الشرطة و جهاز المخابرات بصفة خاصة و كافة مؤسسات الدولة، بصرف النظر عن الكفاءة.
4- إثارة الفتن و زعزعة الثقة بين مكونات المجتمع لضمان عدم التوحد ضدها.
5- الاستعانة بالقوى الكبرى ضد شعوبها في تثبيت حكمها و يترتب علىيه:
– التبعية المطلقة للقوى الخارجية في اتخاذ القرارات في الداخل و الخارج. – إشراك القوى الخارجية المساندة لهذه الأنظمة في الثروة الوطنية للبلاد و فتح خزائنها للنهب على أوسع نطاق.
– تحول الجيوش الوطنية إلى مرتزقة توجه نيرانهم وقت الحاجة إلى شعوبهم.
– إضعاف البُنى التحتية المادية و الإجتماعية و ضياع الهوية و فقدان القدرة على المقاومة.
– اغراق البلاد بعناصر المخابرات الأجنبية مما يقوض مقدرات الأمة.
– إفشال أي خطة تنمية حقيقية يمكن أن تحدث للدولة حالة استقلال أو استقواء اقتصادي أو عسكري أو علمي أو فكري.
– التحالف مع القوى الغربية و خدمة مصالحها دون اعتبار للمصلحة الوطنية.
حكم الأقليات هو الدجاجة التي تبيض للغرب الذهب الأصفر و الأسود و الأبيض و الفضة و الألماس و الدر و الياقوت و المرجان، بينما يقوم الغرب بنتف ريشها و كسر أجنحتها و فرض الحماية عليها كي يضمن خضوعها و استمرارها. فإذا ما استفاقت المجتمعات و بدأت الثورات و قفت القوى الغربية تتفرج من الظاهر و تدعم حكم الأقليات من الباطن، بفواتير تسددها النظم الحاكمة من أموال الشعوب المقهورة، فتتوجه الجيوش بنيرانها تجاه شعوبها مما يستوجب المقاومة و نشأة الحروب الداخلية و تدمير البلاد، ثم يحصل الغرب على عقود إعادة الإعمار و يضمن خضوع البلاد 50 سنة أخرى تحت وطأة الديون. و إذا نجحت المؤامرة تم إقصاء الشعوب، و إعادتها لبيت الطاعة تحت حكم الأقليات و تم الإنتقام من الشعب و تجريده من ملابسه.
و رغم أنه في الحالتين يستفيد الغرب، على حساب الأمة المغفلة إلا أنه ليس هناك مفر من حتمية كسر هذه الدائرة المغلقة، انتصار إرادة الشعوب و إنهاء حكم الأقلية، و بأي ثمن. الحالة المصرية حالة نموذجية نرى فيها محاولة إعادة الأقلية العلمانية و العسكرية إلى الحكم على ظهر الدبابة بعد أن تخلصت منها و قطعت شوطاً في النهج الديمقراطي، و لا بديل و لا خيار أمام الشعب المصري سوى استرداد ثورته و شرعيته بأي ثمن و مهما بلغ حجم التضحيات.