بقلم | محمد عبد العزيز
يمثل العمل بالمؤسسة العسكرية مغارة علي بابا لمستحلي الكسب الحرام، فعلاوة على الرواتب و الامتيازات العالية مقارنة ببقية الوظائف الحكومية، تتوفر فرصة كبيرة لهؤلاء للنهب المستمر في نطاق آمن، و بالطبع لا نتهم كل منسوبي الجيش بالسرقة، و لأن النماذج و الحالات لا يتسع لها مقال فسأكتفي بعينات لأمثلة حقيقية
المهمات:
يفرض على المجند عند نهاية خدمته العسكرية إعادة تسليم كل المهمات الشخصية التي تسلمها عند بداية الخدمة، من ملابس و بطانيات و كيس نوم، إلـخ، و هنا يضطر الجندي لشراء كل ما نقص من عهدته من المسؤول عن الاستلام و السؤال هنا من أين حصل مسؤول العهدة على ما يبيعه.؟.!!!
الكانتين:
يمنع منعاً باتاً أن يصطحب الجندي أي نوع من الطعام أو المواد التموينية عند دخوله الوحدة، باعتبار أن القوات المسلحة توفر له كل ما يلزمه ” على الورق ” فالجنود في الواقع نادراً ما تقدم لهم وجبات مشبعة، فيضطر الجنود إلى شراء الطعام من الكانتين الذي يديره بعض الضباط لحسابهم داخل الوحدات و الكتائب.!!!
الأجازات.
يعتبر منح الأجازات أحد مصادر الدخل للكثير من مستحلي المال الحرام داخل الجيش المصري، فيكلفون الجنود بالأعمال الخاصة في شققهم و فيلاتهم مجاناً، و يطلبون منهم الهدايا و الخدمات و السلع المختلفة في مقابل منحهم الأجازات و على الجندي الفقير أن يسرق أو يتحمل ندرة الأجازات.
المعدات.
سأكتفي بمثال فج من أوائل التسعينات في إحدى الوحدات الواقعة في منطقة عسكرية رئيسية مزروعة بالشرطة العسكرية و الكمائن ولا يمكن لأفرادها الدخول أو الخروج منها بعلبة سجائر دون علم التفتيش، اختفى محرك سيارة نقل ثقيل روسية وزنه لا يقل عن ( 2.5) طن.!!!
سخافة الحدث و فجور السارق استفز الجميع، و تم إخطار الأمن الحربي و بالتحريات وجدوا المحرك بمحافظة أخرى داخل مخزن قطع غيار سيارات مستعملة يملكه متطوع برتبة صول بالوحدة معظم بضاعته من أجزاء سيارات الكتيبة.!!!
المزارع و المصانع و المشروعات و الخدمات الخاصة بالقوات المسلحة:
و هي أضخم قطاع للنهب، و سوف يأتي الحديث عنها في حلقة مخصصة عن النشاط الاقتصادي للجيش المصري، و ما ننوه عنه هنا في عجالة أنها أضخم و أكبر فرع من فروع التكية ينهب منه الكثيرون من القائمين عليه فردياً و جماعياً، عينياً و مالياً، بطرق متعددة.
الإعاشة:
أشهر نطاق للسرقة هو نطاق الإعاشة و يسمونه ” التعيين ” و هو النطاق الخاص بتوفير المواد التموينية و وجبات الجنود و الضباط، و سأكتفي بسرد ما حكاه لي شخصياً أحد الضباط المجندين..
تم تكليف صاحبنا الضابط بمهمة استلام تعيين الكتيبة برفقة سيارة نقل و السائق و بضعة جنود، فسلمه ضابط التعيين عدد (22 ) كرتونة لحم بالرغم من أن كمية اللحم المدونة في أمر الصرف ( 26 ) كرتونة، أصر صاحبنا على استلام العدد كاملا، فرفض ضابط التعينات و اتصل بقائد كتيبة صاحبنا يشكو له تعنت الضابط الذي أرسله، ثم أعطى التلفون لصاحبنا ليفاجأ بقائد كتيبته يأمره باستلام العدد ناقصاً دون أية مشكلة..
في طريق العودة استوقفهم عسكري كمين الشرطة العسكرية وطلب منهم فرختين، فرفض إعطائه فقال له عسكري الشرطة العسكرية يا افندم السيارة دي مخالفة..، فسأله صاحبنا ما هي المخالفة.؟، فدار عسكري الشرطة حول السيارة ثم قال له، الكاوتش متسخ، و سحب منهم الرخصة .!!!
وصل صاحبنا بالتعيين إلى الكتيبة فاستدعاه القائد و قال له هل اطلعت على عدد الجنود المسجلين في اليومية.؟
فأجابه صاحبنا الضابط لا.
قال له اقرأ العدد..
تفاجأ الضابط بأن العدد المسجل يقارب ضعف العدد الحقيقي.
تابع قائد الكتيبة قائلاً، إحنا حقنا حسب عدد الحضور الفعلي ( 15 ) كرتونة لحم و بعتنا أمر الصرف بـ ( 26)، هما سرقونا في ( 4 ) كراتين و احنا سرقنا منهم ( 7 ).!!!