بقلم| أ. جمال فريد الغانم
البداية ” اني جاعل في الارض خليفة ” فكان بني آدم هم الخلفاء المفترضون فطلب ابليس ان ينظر الى يوم يبعثون
طلب مهلة، طلب فرصة، وتوعد انه سيأمرنا اي سيكون هو الآمر الناهي اي ان التحدي يتعلق بالسيادة
اي يتعلق بمن هو صاحب الأمر
او يتعلق بمن هو المشرع الذي سيتحكم قانونيا ودستوريا بهذا البني آدم المستخلف في الأرض
اي ان ابليس اراد ان يثبت اننا لا نستحق ان نكون خلفاء فاعلون حيث خلقهم الله
يريد ان يثبت اننا سنكون مفعول به وليس فاعل من خلال تحكمه بنا .
وبعد لاحظ ايها القارئ ان تدريب آدم اول مرة : “لا تقربا هذه الشجرة ” هو أمر تشريعي قانوني دستوري سيادي اي أمر ونهي لاحظ ان ابليس قال : “لآمرنهم ” لمن الكلمة في الارض لدى هذا الخليفة او المستخلف ؟
لمن الأمر ؟
الله سبحانه خلق آدم واسكنه الجنة وأمره ان لا يقرب الشجرة …… هكذا بدا التدرب على الاستخلاف
فجاء ابليس فوسوس فاطاعه آدم !! للأسف فقد قبل ان يكون ابليس الآمر !! ثم تاب آدم وعرف اين أخطأ . بعدها نزل ابوك آدم الى الارض خليفة ومعه خبرة سابقة ؛ فالعدو هو ابليس والتعليمات واضحة وهي ان تكون كلمة الله هي العليا وان يكون محيانا ومماتنا وصلاتنا ونسكنا لله رب العالمين بذلك أمرنا ونحن لله مسلمين هذا هو خيارك الأول ايها القارئ. اما الخيار الثاني امامك انت : اذا قبل الانسان بشريعة حقوق الانسان وشريعة الامم المتحدة والحريات العامة فهذا بعيد كل البعد عن وظيفته الاصلية لأنه يفترض ان يكون خليفة ملتزم بما أمر به الله سبحانه
فالحق هو ما نزل به الوحي والعدل هو ما جاء به الوحي والصواب هو ما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم . فالخلافة المطلوبة منك في الارض تقتضي انه لا ربا ولا فوائد بنكية ولا زنا ولا مقدمات الزنا ولا قتل للنفس التي حرم الله الا بالحق ولا حبس لمن سرق بل العقوبة معلومة من النص المقدس ولا تبع ما لا تملك ولا تبع ما ليس عندك ولا لواط ولا احتكار ولا نميمة .لا حريات عامة ولا شذوذ ولا تقديس للمال والخلافة تقتضي أخذ الزكاة من الاغنياء وتسليمها للفقراء وتقتضي تمكين الناس من الملكيات العامة المقررة شرعا وتقتضي اعطاء كل ذي حق حق فللوالد حق وللابناء حقوق وللجار حقوق ولذي القربى وللخليفة حقوق واليتامى والمساكين وابن السبيل .
ليس خليفة ايها القارئ من يلتزم ببعض الكتاب ويترك بعض فمن اكتفى بالتدين الفردي تاركا السلطة لابليس وجنوده ومن اعتزل الحياة العامة وساهم في تعطيل شرع الله وتعطيل احكام الاسلام يكون قد غوى .
لا يقال ان الملك بيد الله يؤتيه من يشاء فهذا كلام سقيم فكيف يستخلفك الله الحكم العادل ثم يمنح الملك لغيرك !! لا تقل يؤتي الملك من يشاء وتقف لأنه لو كانت محجوبة عنك وممنوعة عليك فكيف يأمرك ان تكون خليفة وكيف يأمرك بمبايعة خليفة وكيف يأمرك بإنفاذ الأحكام الشرعية والتي في أغلبها موكولة الى الحاكم أو السلطان أو الخليفة .
ان الله قد امر بمبايعة الخليفة وبالتالي فهذا فرض ممكن تحقيقه بل يجب تحقيقه لأن الله لا يأمر بالمستحيل ولا يأمر الا بما هو في مقدور بني آدم ” الخلفاء” في الارض. ان سنة الله التي ليس لها تبديل تقتضي أن نأخذ بالأسباب لأخذ الزمام والبدء بتطبيق شرع الله اي استئناف الحياة الاسلامية كما أقامها محمد صلى الله عليه وسلم ومن بعد تأسى الخلفاء مرات ومرات . وستقوم الخلافة الراشدة مئات المرات حسب نشاط البشر وحسب امتثالهم لامر الله. وبعد لن تقع اي معجزة فالمعجزات ترافق الانبياء بهدف توكيد أنهم رسل من عند الله أما وقد قبل المسلمون حمل الأمانة من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ايديهم المعجزة الخالدة القرآن الكريم يتوجب علينا الأخذ بالأسباب اقتداء وتأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم فهو قد طلب النصرة من أهل الشوكة والمنعة حاول هنا وهناك اكثر من عشر مرات مما يدل على ان طلب النصرة فرض وبعد ذلك وجد أهل المنعة في يثرب قد قبلوا من مصعب بن عمير فبايعوا ومن ثم شرع في تطبيق الشرع بصفته رئيس او حاكم او امام .
هكذا كان محمد صلى الله عليه وسلم نعم الخليفة ” اني جاعل في الارض خليفة ” وتبعه الخلفاء ما استطاعوا فالنجاح البشري متفاوت على سلم الكمال . هذه الحرب بين ابليس وبني آدم مستمرة طيلة فترة الإنظار او الإمهال التي طلبها ابليس اي ” الى يوم يبعثون ” لأن رب العرش قد قبل اعطاءه هذه المهلة ” انك لمن المنظرين ” وبذلك أخذ ابليس فرصة وتستمر الى يوم القيامة وفق السنن الكونية ووفق نواميس خلقها الله في هذا الكون فلن يتوب ابليس ولن ينصلح ولن يعود الى طريق الصواب ولن يتوقف عن اغواء وإضلال أتباعه وجنوده وسيأخذون فرصة كاملة في تضليل عدوهم وبالمقابل على الخليفة ان يقاوم التضليل وأن يدافع عن الحق وأن يقيم الاستخلاف وفق أوامر الله أخذا بالأسباب ووفق السنن الكونية .
سيكون صراع دائم ومستمر وستكون محاججات ومناظرات وسيكون قتال وسيكون تآمر وسيكون دس ومكر وكيد وقد وقع لنا قرح وقد كانوا قد ذاقوا قرحُُ مثله وتلك الأيام يداولها الله بين الناس وسيكون تدافع وستستخدم كل الوسائل بلا استثناء .
الخلاصة كم من بني آدم سيبقى يحاول ان يكون خليفة بحق ، انهم اولئك الذين قال الله فيهم ” ان عبادي ليس لك عليهم سلطان ” هؤلاء آمنوا وتحصنوا بالإيمان وبالعمل الصالح حنفاء يعملون للبقاء خلفاء الى ان تقوم الساعة . انت في الدنيا فقم بما يلزم لتنجو