بقلم | أمينة أمين
يبدو أن آخر إجتماع لجنرالات عسكر الجزائر الذي ضم جميع الأجنحة على رغم صراعاتهم في السلطة بعد فترة طويلة من المشاحنات، قرروا تدارك الأمر والإتفاق على إيجاد أرضية توافقية للقضاء على الحراك و فسح المجال للإنتخابات البرلمانية التي تم برمجتها لشهر يونيو المقبل.
أبرز الحاضرين ، الجزار الدموي خالد نزار رغم مرضه، و الجنرال بن علي بن علي الذي لايزال في منصب القائد الأعلى لقوات الحرس الرئاسي رغم كل المحاولات التي أحكيت لعزله، وهو الرقم الصعب في المعادلة لحكم العسكر لحد الآن. و حسب ماسرب من الإجتماع حدثت مناوشات بين بن علي بن علي و الجنرال خالد نزار للحساسيات التي بينهما، و غاب المحنط2 معيّن الجنرالات، عبد المجيد تبون الذي إنقطعت أخباره إن كان حي أم ميت ؟!.
عودة جنرالات التسعينات المتمثلة في محمد مدين المدعو التوفيق وخالد نزار و عبد القادر حداد المعروف بتسمية ناصر الجن، تنذر بعودة عقلية التسعينات ولعب ورقة الإرهاب والدم. عبدالقادر حداد أو ناصر الجن الغني عن كل تعريف وإجرامه في سنوات التسعينات الممتدة من 1991 إلى 1998، تم الإتصال به من رئيس أركان الجيش الجزائري، السعيد شنقريحة شخصياً وبإلحاح للعودة من إسبانيا، و تلبية العودة كانت بشروط منها إعادة الإعتبار له و بفرضه قائمة أسماء الضباط المقربين منه للعمل معه، و حسب ماتسرب من معلومات، هم حالياً يقومون بتدريب حوالي 60 شخصا في كتيبة الموت الجديدة. ناصر الجن هذا كان في السابق على رأس كتيبة فيلق الموت التابعة للمركز الرئيسي للتحقيقات العسكرية( بن عكنون ). كان مركزاً للتعذيب و القتل ودفن الجثث في دهاليزه. ناصر الجن الصعلوك، خشن الطباع في تعاملاته، كان مجرماً و مسرفاً في القتل يداهم بيوت الآمنين ويغتصب النساء وينهب الأموال. ومن المجازر التي شارك فيها، هي الريس وبن طلحة والرمكة، هذا غير الحواجز المزيفة والاختطافات، وعدد ضحاياه بلغ أكثر من 4000 ضحية ونال تسمية( effaceur) أي الماحي الذي يمحي أرواح الناس .
المخابرات تستعين بإعادة سيناريو الإرهاب وقد تقع أحد الإنفجارات هنا أو هناك لترى الجثث المترامية على الطرقات في أي لحظة. وهناك من يرى إستحالة عودة العشرية السوداء لأن العالم أصبح قرية صغيرة و الفضاء الإعلامي مفتوح و الزمن تغير. لكن لا ننسى أن العالم يغمض عينيه كلما إقتضى الأمر بالمسلمين، و ماحدث بمصر وميانمار ليس ببعيد.
القمع الوحشي للمسيرة 114 الأخيرة للطلبة على غير العادة تعطيك الإنطباع عن فحوى إجتماع الظلاميين في الغرف المغلقة. وقد تلفق للمعتقلين تهم الإرهاب التي تكون أحكامها قاسية لتخويف بقية من يخرجون للحراك. ماتنشره وسائل الإعلام عن إحباط أفراد الجيش لعمليات إرهابية هنا وهناك وإحتجاز أسلحة مهربة و بث إعترافات ممن ألقي عليهم القبض، بزعم أنهم كانوا يخططون لعمليات مسلحة للمسّ بأمن الوطن، وكانت آخر مسرحية إعترافات شخص إدعوا أنه من المنتمين لمنظمة الماك(MAK) الإنفصالية لمنطقة القبائل الأمازيغية التي يترأسها فرحات مهني. و لكن سرعان ما أفتضح أمره عبر وسائل التواصل الإجتماعي وإتضح أنه بلطجي، محكوم عليه بسنتين سجن في قضية محاولة إختطاف فتاة ولا علاقة له بالحركة الإنفصالية. ولو بحثت في تاريخ فرحات مهني لعلمت أنه صناعة مخابراتية والفزاعة التي تُخرج للرأي العام ليبدأ الحديث عن الحركة التي تريد تقسيم البلد.
إذا كان فرحات مهني يشكل الخطر على البلد فكيف يتم دخوله وخروجه بكل سهولة وإلقاء المحاضرات بجامعة مدينتي تيزي أوزو وبجاية في منطقة القبائل ولا يتم إلقاء القبض عليه !!!. ألم يسبق وقام بزيارة الكيان الصهيوني مطالباً بسفارة إسرائيلية بمنطقة القبائل و طلب من المغرب الدعم للحصول على تقرير المصير. فلماذا لم توجه له تهمة الخيانة العظمى في تعامله مع العدو الصهيوني و مخابرات مخزن الملك محمد السادس ؟! و هل ممكن أن تجمع بين المعارض فرحات مهني و الجنرال عبدالقادر حداد(ناصر الجن) صورة تذكارية والابتسماة العريضة على محيّاهما ؟! حركة الماك برزت في 2002 عقب الربيع الأمازيغي الدامي أو ما عرف “بالزحف نحو العاصمة” للإطاحة بحكم بوتفليقة عام 2001. حركة أنشأتها المخابرات للقضاء على أي محاولات مستقبلية لثورة الأمازيغ و روجت لفكرة أن القبائل يردون تقسيم البلاد، ممّا جعل باقي المناطق الأخرى لا تتعاطف مع الثوار الأمازيغ.
العصابة الحاكمة ليس لها أي حل إلا الزجّ بالحراك في فخ الإرهاب لتعطي لنفسها الشرعية الدولية للقمع وفرض حالة الطوارئ. على الشعب اليقظة ممّا يحاك ضده، و إذا كان عبد القادر حداد هو ناصر الجن، على الشعب أن يكون هو عفريت المرحلة ضد جنون الجن و جند إبليس.