منذ بداية الثورة كان هناك اتجاه للحديث فقط عن جرائم وخيانات وسرقات المخلوع, حتى انك تجد ضباط جيش سابقين تناولوا فجأة حبوب الشجاعة وتحدثوا عن عدم إيمان المخلوع وابنه بالله.
والسبب ليس صحوة الضمير المفاجئة, فهؤلاء مثل اللواء شفيق البنا مسؤول قصور الرئاسة, تحدث كثيرًا عن فضائح المخلوع وعشاءه اسبوعيًا مع شارون وعن مقولته الشهيرة (لو اطول اقلب المساجد ديسكوهات كنت عملتها) !!!
ليس هذا من قبيل صحوة الضمير أو الصراحة, وليس حتى من باب حرية الإعلام كما كنا نظن.
وقبل أن اشرح لك وجهة نظري, دعني اذكرك بما قاله, المخلوع في ذكرى نكتة أكتوبر الماضية, أن “هناك من يحاولون تشويه نصر اكتوبر”
وقتها علقت على ذلك في مداخلة تليفزيونية وقلت أن كشف زيف خدعة أكتوبر سبب لهم صداعًا شديدًا حتى اضطروا لدفع المخلوع للحديث في محاولة لتثبيت الخدعة بعد أن تعروا تمامًا.
والوحيد الذي تم فضح جرائمه وخياناته ولصوصيته, كان المخلوع, وليس هذا من باب حرية (لا مؤاخذة) الإعلام بعد الثورة كما كنا نظن أيام سذاجتنا وليس بسبب نقاء ضمير من تحدثوا عنه, فمصطفى بكري ( لا مؤاخذة ) كان أول من رفع دعوى قضائية على المخلوع, وشفيق البنا الذي قضى 30 عامًا في قصور الرئاسة يعمل خادمًا للمخلوع وأولاده كان أول من فضحهم.
الفكرة ببساطة هي أن هناك جهة ما تسعى بشدة لمحاصرة نيران الثورة, داخل حدود عهد المخلوع فقط, وأنه هو فقط من حاد عن الطريق بينما لا مؤاخذة عبد الناصر والسادات كانوا ملائكة تعتريهم أحيانًا نقائص البشر, فيصيبون ويخطئون بل ومطلوب منك أن تعتقد أن وجودهم ووصولهم للحكم في مصر كان نتيجة طبيعية لأحداث التاريخ.
مطلوب منا أن نظل معتقدين أن هزيمة 67 المخزية كانت مجرد (لا مؤاخذة) خطأ في الحسابات السياسية والعسكرية ولم تكن خيانة, ومطلوب منا أن نظل مصدقين أن ارسال الجيش إلى اليمن كان لمناصرة الانقلاب الشيوعي وليس لطحن الجيش عسكريًا لتجهيزه وهو يترنح لمواجهة عسكرية مع الكيان الصهيوني يدمره فيها عن أخره.
ولذلك ستسمع حتى من المعسكر المؤيد للانقلاب, كلامًا عن المخلوع وفساده وستتعجب من تلك الخراف الضالة, كيف يسخطون على المخلوع ويؤيدون الشاويش المعتوه !!
هناك ستار رقيق مطلوب من حضرتك الا تقترب منه.
هناك لا مؤاخذة قمامة عفنة الرائحة مطلوب من سيادتك الا تقترب كثيرا, فتشمها.
مطلوب ان نظل جهلة فلا نعرف أن المخابرات الأمريكية هي التي دبرت انقلاب يوليو وان عبد الناصر كان ( الولا حمو ) الخاص بالمخابرات الأمريكية.
مطلوب الا نعرف أن الاراجوز السادات كان عميلا على كشوف المخابرات الأمريكية.
مطلوب أن نظل مصدقين أن حرب أكتوبر كانت(لا مؤاخذة) نصرا وان تحريك القوات ليقتل بعضها ولتتقدم بعض الكيلومترات ثم سحبها بعد كارثة عسكرية, كان قرارا ( لا مؤاخذة ) مصريا وان المخابرات التي كان رأفت الهجاص يخدعها لحساب الموساد كما اعترف مدير المخابرات المصرية رفعت جبريل, (لا مؤاخذة) خدعت المخابرات الامريكية والصهيونية !!
مطلوب منا أن نصدق أن السعودية قطعت النفط عن امريكا واستخدمته (لا مؤاخذة) كسلاح والا نقرأ حقيقة ما حدث واعترف به حتى وزير النفط السعودي, أن كيسنجر كان من دبر رفع أسعار البترول 400% قبل مسخرة أكتوبر بستة أشهر, حتى يتفادى رد الفعل الشعبي الأمريكي على رفع أسعار الوقود, ليمكن للشركات السبعة الكبار تسويق النفط عالي التكلفة التي بدأت في استخراجه من بحر الشمال ومن خليج برودو في الاسكا ولمعالجة عجز الموازنة الأمريكية وأن الحكومة السعودية لم تكن تملك من أمر نفسها شيئاً.
حتى غير مطلوب منك ان تعلم ان المخلوع كان على كشوف المخابرات الامريكية, فهذا (لا مؤاخذة) يعني اننا كنا جميعا سذج.
مطلوب أن تثور داخل كوب زجاجي كالنحلة الحبيسة و ألا تفكر في عبور عنق الزجاجة الى الفضاء الأرحب والحرية الحقيقية.
فقط مطلوب منا ان نفكر ان المخلوع كان فاسدا مستبدا وان الثورة كانت بسبب فساده واستبداده ومحاولته توريث الحكم.
مطلوب منك أن تكون الثائر اللامؤاخذة .. و مطلوب منك أن تثور داخل حدود اللا مؤاخذة.
مطلوب منا أن نفكر داخل إطار نظرية (اللا مؤاخذة) ونظل ندور في حلقة مفرغة, نثور فقط على السطح ونترك القمامة في الأعماق.
هتاف (يسقط يسقط كل العسكر) يلخص القضية كلها !