بقلم| محمد عبد العزيز
الألتراس سيكولوجي.. في طفولتي سألني أحد زملاء أخي الأكبر “أنت أهلاوي ولَّا زملكاوي؟” ، فواجهت خبرة جديدة و أسئلة ينبغي الإجابة عليها: – ماذا يعني أن أكون زملكاوي أو أهلاوي و ما الفرق؟ – ما الفائدة من أن أكون زملكاوي أو أهلاوي؟ – هل من الضروري أن أكون أحدهما أم أن هناك خيارات أخرى؟ و تلقيت يومها أول درس في تأسيس التحيز الأعمى الذي هو منبت النفاق و التخلف الفكري و الوجداني و بدأ الكبار يتناحرون على هويتي، كل يأمرني بالانحياز لفريقه.!
و بعقلية طفل صغير سألت أخواتي فقالت التي تدللني “خليك أهلاوي” و قالت التي تضربني “خليك زملكاوي”…إذن فقد حُسِمَ الأمر،.. أنا أهلاوي، هكذا و بكل بساطة و بلا أي مسوغات أخرى، مجرد انحياز عاطفي.. و يشاء الله أن ألعب الكرة و أقف حارس مرمى مع من يكبروني فيشوط أحدهم يدي و أنا ألتقط الكرة فيجزع إبهامي و يتم تجبيره و تحدث لي مراجعة فكرية مبكرة. لماذا يفرض علي أحد أن أحب لعبة ما أو أنحاذ لفريق ما.؟ فقررت مبكراً ألا أنحاذ لأي فريق و لم أكن أدرك وقتها أنني انضممت للقلائل الذين تسربوا قدراً خارج سياج سياسي وضعه حاكم ماكر خبيث. نفسية و عقلية الألتراس أصل كل بلاء.. تكمن خطورة فكرة الألتراس انها تقوم على الاجتماع على التشجيع مع الانحياذ المبدئي الكامل لفريق معين، رياضي، سياسي، عسكري، اقتصادي، ديني، عائلي، …إلخ، و التماهي مع من ينتسبون لهذا الفريق بصرف النظر عن قيمته و حقيقته و أخلاق و طبيعة من يمثلونه، فلا مجال فيها للتخلي عنه أو التوافق مع خصومه أو التعاطف معهم أو مراجعة منهجهم أو تفهم موقفهم أو الاقتناع بحجتهم، و هذا المبدأ هو عين التحيز الأعمى الذي يأصل لنفسية مكابرة معاندة متصلبة تحكم على الأمور بانحياذ مسبق و ولاء مطلق لا انفكاك منه.
هذه النفسية هي التي جعلت أبو جهل عندما سأله الأخنسُ بن شُريق عن نبينا محمد صلى الله عليه و سلم؛ أصادقٌ هو أم كاذب؟ فقال أبو جهل: ويحك! والله إن محمدًا لصادقٌ، وما كذب محمدٌ قطُّ، ولكن إذا ذهبتْ بنو قُصَيٍّ باللواء والحجابة والسقاية والنبوة، فماذا يكون لسائر قريش؟.!!! هذه النفسية هي التي جعلت أحد الأعراب يسأل مُسَيْلِمَةُ الكذاب، مَنْ يأتيك؟ قال: (رجس)، قَالَ: (أَفِي نُورٍ أَمْ فِي ظُلْمَةٍ؟) فَقَالَ: (فِي ظُلْمَةٍ)، فَقَالَ: (أَشْهَدُ أنَّك كذَّابٌ وإنَّ محمَّداً صَادِقٌ، وَلَكِنْ كذَّاب رَبِيعَةَ أحبُّ إِلَيْنَا مِنْ صَادَقِ مُضَرَ!) واتَّبعه هَذَاالْأَعْرَابِيُّ الْجِلْفُ لعنه الله، حتى قتل معه يوم عقربا.!!!
هذه النفسية هي التي جعلت قسم من الشعب المصري يتعامى عن أكاذيب و رذائل و قبائح و فضائح مسيلمة مصر و فريقه، فينكرون الشمس في رابعة النهار، و يرفضون أهل الصلاح و العلم و يؤثرون الفُجَّاَر، فيأتمنوا الخائن و يُخوِّنوا الأمين، و يُكذِّبوا الصادق و يُصدِّقوا الكاذبين، يستحبون العمى على الهدى، و ينحاذوا للمجرمين، يصفقون للباطل، و يرقصون على أشلاء و دماء المخلصين، يوالون الضالين و المضلين، و يطعنوا في أهل الورع و الدين، يحاربون الله و رسوله و الإسلام و المسلمين، يبيعون دنياهم و آخرتهم بدنيا غيرهم و هُم فَرِحِين.!!!
** ملحوظة** هذا المقال يتحدث عن طبيعة نفسية و نمط فكري و لا يستهدف رياضة أو رابطة ما “
…………محمد عبد العزيز………… 21/3/2015