بقلم| محمد عبد العزيز

بداية لابد من توضيح أصل القصة و تطورها إلى أن توجت بالتنفيذ، و لندخل مباشرة في الموضوع.

الأطماع و التهديدات:فكرة ضرب مصر و تجويعها و تركيع شعبها و هزيمتها من خلال قطع شريانها الرئيسي المتمثل في نهر النيل خطة قديمة.

أولاً:فكر فيها الصليبيون قبل الصهاينة قبل نحو 800 عام و أشهرهم تعليمات البابا ألكساندر السادس للقرصان الصليبي المجرم فاسكو داجاما بالذهاب إلى ملك إثيوبيا النصراني يوحنا و إقناعه بتحويل المياه عن مصر و قد وافق الملك يوحنا على المبدأ لكنه لم يجد وسيلة..و في فترة الحرب العالمية الأولى أثناء الاحتلال الإيطالي لأثيوبيا فكر مارشال جراتسياني بقطع المياه عن مصر بهدف ضرب انجلترا المحتلة لمصر في ذلك الوقت و كلف لجنة هندسية لدراسة إمكانية نسف أجزاء من بحيرة تابا الإثيوبية لتحويل مياهها إلى المحيط بدلاً من النيل.و هذا أحد روابط المصدر و هو متوفر أيضاً على يوتيوب / https://www.facebook.com/m1.gold/videos/10207344528287412

ثانياً:الأسر الماسونية الثلاثة عشر المسيطرة على الاقتصاد العالمي روتشيلد و روكفلر … إلخ. تمتلك و تسيطر فعلياً على ثلثي مياه العالم و تريد أن تمتلك الثلث الباقي المتمثل في نهر النيل و بعض الروافد و الأنهار الصغيرة المتبقية على وجه الكرة الأرضية لتكتمل لها السيطرة المطلقة على مقدرات البشر على كوكب الأرض.

ثالثاً:فكرة السيطرة على مصر تحديداً من خلال حجب مياه النيل و التحكم في إمدادات المياه خطة صهيونية ترتبط مباشرة بمشروع إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، و تهدف إلى تتويج التحكم الصهيوني في مقدرات مصر و المصريين بالسيطرة الكاملة على مقدراتهم و أسباب معيشتهم و امتلاك مفاتيح أرزاقهم للتحكم فيهم و تركيعهم و سحقهم إذا لزم الأمر.

رابعاً:مطامع الاستحواذ على مياه النيل.1- على رأس الطامعين في مياه النيل إسرائيل و ترغب في تحويل حصة ضخمة من مياه النيل إلى دولتها و قد سبق الإشارة لذلك و تم شرحه بالتفصيل في مقال سد النهضة القصة الكاملة:

https://www.facebook.com/photo?fbid=10201157495775466&set=a.15804155262682-

لا تشتكي إثيوبيا نقصا في المياه لكنها تطمع في احتكار المياه و الحصول على مقابل لتصديرها للدول المصب، فهي تعتبر منابع النيل حق خاص بها لم يكن يعوقها عن احتكاره سوى المعاهدة الملزمة لها ” و التي أبطلها العميل السيسي بتوقيعه بالموافقة على بناء السد “، علاوة على قوة الجيش المصري و صحة موقفه القانوني ” سابقاً ” في الدفاع عن موارد النيل.3- لنظام الحكم في المملكة العربية السعودية أيضاً مطامع في موارد النيل فقد فكروا جدياً من قبل في مشروع عمل أنبوب يوصل المياه من أثيوبيا إلى السعودية مروراً تحت البحر الأحمر، ليكون بديلاً رخيصاً لتحلية مياه البحر التي تكلفهم 12 ريال سعودي عن كل متر مكعب، لكنهم صرفوا النظر عنه إلى حين بعد أن تبينت معوقات فنية و هندسية و سياسية متعددة.4- كما أن لحكام دويلة الإمارات العبرية الموالية للكيان الصهيوني مطامع تتقاطع مع المطامع الإسرائيلية و تتلخص في التحكم و السيطرة و الاستفادة الاقتصادية و إرضاء أسيادهم الصهاينة.المعاهدات و الاتفاقيات:توجد خمس اتفاقيات هامة تضمن و تحدد حقوق مصر و السودان في مياه النيل لكن الاتفاقية التي كان يمكن التعويل عليها مع الجانب الإثيوبي هي:اتفاقية أديس أبابا بين بريطانيا وإثيوبيا، 15 مايو 1902م.وقعتها بريطانيا بالنيابة عن السودان، وأهم ما فيها ما ورد في المادة الثانية التي تنص على: ” إن الإمبراطور الإثيوبي منليك الثاني يعد بألا يبني أو يسمح ببناء أي أعمال على النيل الأزرق وبحيرة تانا أو نهر السوباط “، ولا تعترف بها إثيوبيا بحجة عدم تصديق مجلس العرش الإثيوبي، والبرلمان البريطاني عليها بينما تمسكت بها عند ترسيم الحدود مع إريتريا حيث تمنحها المادة الرابعة أرضاً إضافية منحتها لها المملكة المصرية التي كانت حدودها آنذاك مع إثيوبيا مقابل التوقيع على المعاهدة و مشروطة، بالالتزام بها مما يعنى ثبوت إقرار إثيوبيا قانونا باتفاق 1902.!!!

” للاطلاع على باقي الاتفاقيات راجع مقال سد النهضة القصة الكامل “

الآن و بعد فهم الموقف بوضوح ننتقل مباشرة إلى ما جرى و يجري حالياً:أولاً:قرر الصهاينة أنه قد آن الأوان لتنفيذ خطتهم التي أشرت إليها في سابقاً، و بديهياً وقع الاختيار على إثيوبيا لأنها المورد الرئيسي لمياه مصر و السودان حيث يرد منها من 85% إلى 95 % من مياه فيضان النيل الذي يغذي مصر بمعظم احتياجاتها المائية.العقبات:كانت هناك عدة عقبات أهمها:-1- وجود اتفاقية أديس أبابا بين بريطانيا وإثيوبيا، 15 مايو 1902م التي تمنع أثيوبيا من بناء سدود على منابع النيل.2- أحقية مصر القانونية في الدفاع عن مواردها المائية لاسيما في وجود اتفاقية تمثل مستنداً قويا يبرر لمصر اتخاذ أي إجراء عسكري لازم لحماية مواردها المائية.3- التفاوت الكبير بين القوة النوعية و الكمية للجيش المصري و الجيش الأثيوبي حيث يمتلك الجيش المصري من العدة و العدد و العتاد ما يكفي حسابياً لسحق الجيش الأثيوبي في ساعات.4- عجز الاقتصاد الإثيوبي عن تمويل بناء السد.5- إحجام الاستثمار الدولي عن تمويل سد متنازع على إنشاءه و مخالف للقانون الدولي و عرضة للتدمير بنسبة عالية، فليس من المنطق الطبيعي قبل الاستثماري المخاطرة بمليارات في مشروع سيدمر في غالب الظن.الخطة الصهيونية:تمثلت الخطة الصهيونية ببساطة في خمسة بنود:1- إلغاء معاهدة 15 مايو 1902م و منح إثيوبيا الحق القانوني في بناء السد.2- توفير تمويل السد بطرق مباشرة و غير مباشرة.3- سلب مصر الحق القانوني في الدفاع عن مواردها المائية بحيث إن فعلت تبدو دولة معتدية.4- تطمين أثيوبيا و دعمها سياسياً و اقتصادياً لتحدي أهم المصالح المصرية المصيرية.5- حماية السد بالدفاعات المناسبة.لذا كان الحل السهل البسيط لتحقيق كل هذه البنود يتلخص في:-(( موافقة مصر ممثلة في رئيسها على بناء السد الأثيوبي ))

متى عرضت الفكرة على الرئاسة المصرية.؟

الشواهد و الاستنتاجات توحي لي بأن الأمر عرض أولاً على حسني مبارك ” كنز إسرائيل الاستراتيجي “، و رفضها باعتبارها نوع من الجنون و الانتحار السياسي لأن حسني مبارك رغم إجرامه و مخازيه كان يتميز بشيء من التعقل و يعمل للرأي العام حساب بدرجة ما، …. ” هذه النقطة تحديداً ليس لدي بشأنها خبراً أو معلومة موثقة “و ربما يكون هذا أحد الأسباب التي عجلت بإسقاطه فالصهاينة لا يعجبهم العميل الذي يقول لا، فهم يفضلون دائما العميل الذي ينفذ دون اعتراض.

اقتناص فترة السيولة السياسية في مصر:

كانت الأحداث الثورية و حالت السيولة السياسية في مصر فرصة سانحة لا يمكن أن يضيعها الصهاينة فتم الإيعاز لأثيوبيا بطرح مشروع السد الأثيوبي و عمل الدراسات الهندسية و الإنشائية و دراسات الجدوى اللازمة و جهزت أوراق مشروع كامل قابل للطرح في سوق الاستثمار الدولي، لكن ظلت مشكلة معاهدة 15 مايو 1902م، و مشكلة تدبير التمويل اللازم قائمة.التمهيد الإعلامي.من الأمور التي لم يلتفت لها الكثيرون التمهيد الإعلامي و بث الفكرة في اللاوعي الشعبي على الطريقة الماسونية التقليدية من خلال جرعات فكاهية و تساؤلات و بث أخبار كاذبة إبان فترة حكم الرئيس محمد مرسي، و نقاشات حول موضوع السد الأثيوبي و ماذا لو تم ….. إلخ.

موقف الرئيس محمد مرسي من سد النهضة.

لقد قامت المخابرات المصرية و عصابة المجلس العسكري بتضليل الرئيس محمد مرسي حقيقة الموقف و درجة خطورة السد الأثيوبي، و لعل الأغلبية يذكرون المؤتمر الإعلامي الذي كان يفترض أن يكون خاصاً و سرياً حول السد و تم بثه على الهواء مباشرة بدون علم الرئيس محمد مرسي و الحاضرين و رأينا كيف تنصل ” العميل السيسي “، و ادعى كذباً بأن الجيش المصري لا يملك الإمكانيات لضرب السد.

و رغم كل ما سبق و ضغوط عصابة المجلس العسكري إلا أن الرئيس محمد مرسي رفض فكرة الموافقة على بناء السد علناً و عكف على دراسة الموضوع، و كان هذا سبباً إضافية لانقلاب عصابة عملاء الصهاينة عليه فيما بعد، بجانب رفضه لكل مطالب الأجندة الصهيونية الأخرى التي نفذها السيسي كاملة و منها تدويل مضيق تيران و تراجع الحدود البحرية الشمالية و عدم تحقيق الاكتفاء الذاتي و عدم النهوض بمصر … إلخ.

موقف الخصوم السياسيين للرئيس محمد مرسي.و نقصد هنا جبهة الخراب المسماة بـ ” جبهة الإنقاذ الوطني ” فقد كان موقفاً انتهازياً حقيراً، حيث ذهب ممثلوهم إلى أثيوبيا و باركوا لها فكرة بناء السد و طلبوا من أثيوبيا إطلاق اسم سد النهضة على السد الإثيوبي نكاية في الرئيس محمد مرسي الذي أطلق مشروع النهضة في مصر.!!!

الإجراءات:

بأوامر الصهاينة تم التخلص من العقبة الكؤود أمام إنشاء السد و المتمثلة في الرئيس محمد مرسي و تم تنصيب العميل السيسي ليذهب إلى إثيوبيا بنفسه و يوقع مباشرة بالموافقة على بناء السد الأثيوبي دون قيد أو شرط تنفيذاً لتعليمات أسياده الصهاينة الذين أتوا به و نصبوه على كرسي الرئاسة.

استهلاك الوقت و فرض الأمر الواقع:

هذا العنوان يمثل ملخص ما يدور المصريون في فلكه الآن، لا شيء سوى استهلاك الوقت في عنتريات و تصريحات و زيارات و افتراضات و تحليلات و تخيلات، بينما تحول السد إلى أمر واقع و ماض إلى آخر مداه، بل أن أثيوبيا تفكر الآن في إنشاء ثلاث سدود إضافية على بقية الروافد الفرعية النابعة من أرضها لتتحكم في مياهنا بنسبة 100%، ولا عزاء للمغفلين.

العميل السيسي هو المنشأ الحقيقي للسد الإثيوبي:بناء على توقيع العميل السيسي باسم مصر بالموافقة على بناء السد الأثيوبي تحول الموقف إلى التالي: 1- الغاء معاهدة 15 مايو 1902م. 2- فقدت مصر أي متكأ يدعم أحقيتها القانونية في حصتها من مياه النيل. 3- تسابقت الدول الكبرى في تمويل السد و أصبح لها مصلحة في الدفاع عن السد. 4- فقد الجيش المصري المبرر القانوني لضرب السد في حال منعت أثيوبيا المياه عن مصر و بالتالي أصبح في ضرب السد بمثابة مغامرة سياسية و عسكرية غير محسوبة العواقب في ظل مجلس أمن منحاز إلى مصالح الدول الكبرى و الصهيونية العالمية. 5- اطمأنت أثيوبيا و بالغت في حجم السد و عرضت فكرة إنشاء ثلاث سدود أخرى داخل أراضيها يحتاج ملئها لأعوام إضافية تضاف إلى فترة ملء الخزان الحالي و التي يقال أنها تبلغ وحدها 12 سنة.!!!

المفاوضات:

بعد توقيع العميل السيسي بالموافقة لا يوجد شيء تفاوض عليه مصر أثيوبيا سوى ثمن شراء المياه أو الحصول على حصة مقابل الخضوع للشروط الصهيونية.

موقف مجلس الأمن.

أولاً: مجلس الأمن يختص أساساً بالبت في الحروب و النزاعات العسكرية التي تمثل خطراً على الدول المتحكمة في قراراته أو تتعارض مع مصالحها..ثانياً: مجلس الأمن و أي منظمة دولية أخرى قد منعها العميل السيسي مقدماً من البت في أي خلاف ينشأ بين مصر و السودان و اثيوبيا بنص البند العاشر في اتفاقية المبادئ الذي وقعه واحتفل به العميل السيسي، و ينص على أن أي لجوء للتحكيم الدولي أو المحاكم الدولية مشروط بموافقه الأطراف الثلاثة الموقعة على الاتفاق ” مصر – السودان – أثيوبيا “، أي أنه قانوناً و بنص المعاهدة التي وقعها العميل لا يمكن عملياً لمصر و السودان تفعيل أي تحكيم دولي لا توافق عليه إثيوبيا.!!!ثالثاً: الحالة الوحيدة التي يمكن أن يجتمع لها مجلس الأمن ستكون بطلب من أثيوبيا لفرض عقوبات على مصر في حال قام الجيش المصري بضرب سد وافقت عليه الحكومة المصرية مسبقاً.!!!

أما عن نوع العقوبات على مصر حال ضربت سد النهضة، و هل ستكون سياسية أم اقتصادية أو عسكرية إلخ، فكل الاحتمالات واردة و سوف يقررها الصهاينة بما يناسب مصالحهم.و هنا لابد أن نتوقف قليلاً و نكرر السؤال : (( لماذا وقَّع العميل السيسي بالموافقة على بناء السد الإثيوبي دون قيد أو شرط ؟؟؟!!! ))

ماذا يحدث الآن.؟؟؟

ما يحدث الآن ما هو إلا تمكين لأثيوبيا من استكمال بناء السد و فرضه كأمر واقع بقصد و إرادة سياسية من العميل السيسي و عصابته.و كل ما يبثه الإعلام الانقلابي في مصر ما هو إلا مهاترات و إلهاء و مخدرات إعلامية حتى يتم التنفيذ كاملاً و فرض الشروط الصهيونية و أهمها:توصيل مياه النيل للكيان المحتل المسمى إسرائيل، و قد نفذ العميل السيسي لهذا الغرض مشروع سحارات سيرابيوم التي تنقل المياه من تحت قناة السويس و تكلفت عدة مليارات من جيوب الشعب المصري و صورها الإعلام على أنها لتنمية سيناء لكن الحقيقة أن الهدف الأساسي من هذه السحارات العملاقة هو تحويل لجزء ضخم من مياه النيل إلى إسرئيل مروراً بسيناء و قد تم إنشاء ترعة الشيخ جابر الصباح سابقاً أساساً لهذا الغرض تحت غطاء تعمير سيناء.!!!سيعرض على مصر شراء المياه من أثيوبيا و أفضل ما يمكن للمصريين الحصول عليه في ظل تلك الوضاع هو تسوية تسمح للمصريين باقتسام حصة النيل مع الصهاينة مقابل إعفاء مصر من سداد ثمن الجزء الذي سيتم تخصيصه لها بعد أن تكتفي إسرائيل من مياه النيل.أمر هام يجب وضعه في الحسبان أنه حتى لو تم ري مساحات واسعة من سيناء من المياه المحولة إلى سيناء فستكون معظم هذه المساحات مخصصة للصهاينة سواء بطريق مباشر أو من خلال وسطاء محليين أو عرب لاسيما إماراتيين، ” لاحظ قرار الإمارات مؤخراً بمنح الجنسية الإماراتية للإسرائيليين ” و بذلك تكون إسرائيل قد حصلت على المياه و الأرض أيضاً علاوة على العمالة الرخيصة و حولت المصريين لعبيد أجراء في أراضيهم لصالح بني صهيون تماماً كما ورد في بروتوكلات حكماء صهيون.تجهيز و تهيئة الشعب المصري للموافقة.

من المفارقات أننا عندما نشرنا عن خطورة السد و كارثيته لم تواجهنا العصابة الرسمية بالحرب الضروس التي واجهونا به في مواضيع أقل شأنا بكثير، بل أنهم ساهموا في نشر فيديوهات الشدة المستنصرية، و كأنهم يريدون إشعار الناس بالخطر و الفزع ليجهزوهم نفسياً للموافقة على أي طرح يطرحه الكيان الصهيوني لإنقاذهم من الموت جوعاً و عطشاً.!!!

من ناحية أخرى يصر العميل السيسي على طرح فكرة معالجة مياه الصرف الصحي تحديداً و يمضي في تنفيذها، متجاهلاً فكرة استغلال المياه الجوفية أولاً و التي تحتاج فقط لطلمبات سحب، أو حتى فكرة تحلية مياه البحر التي هي أرخص و أنظف بأضعاف من تكلفة و نواتج معالجة الصرف الصحي.؟؟؟!!! و هذا ليس محض صدفة أو غباء اقتصادي و إنما يتعمد العميل اختيار أسوأ البدائل و الحلول التي لا يمكنها منافسة أي عرض تعرضه أثيوبيا مقابل تزويدنا بجزء من حصتنا في المياه.هل الخطر في انهيار السد أم البحيرة.؟ كذلك فقد أشاع البعض بأن الحفاظ على سد النهضة بعد امتلائه سيمثل حفاظاً على مصر من الغرق، و كنت شخصياً من الذين تبنوا هذا الطرح في مقالي الطويل ” سد النهضة القصة الكاملة “، لكن بإعادة البحث و التحليل و التدقيق تبين أن هذا التصور مبالغ فيه نظراً للأسباب الموضوعية التالية:1- يختلف السد عن الخزان ” البحيرة “، فالسد مجرد بوابة للتحكم في التصريف و انهيار أو تدمير تلك البوابة لا يعني تسرب كل كمية المياه المخزنة في وقت واحد، فالخطر يكمن في حال انهيار جدران البحيرة ولا يكون ذلك إلا بفعل زلزال عظيم أو انفجار نووي على أقل تقدير، فمعظم جدران البحيرة جبال طبيعية و أما السد فمجرد بوابة لا يمكنها تصريف هذه الكمية الهائلة في يوم ولا بضعة أيام حتى لو تم نسفه كاملاً “.2- السبب في تركيز فيضان النيل على ضفافه هو قانون الاستطراق فالماء يتجه تلقائياً نحو المستوى الأرضي الأخفض و بالتالي حينما يمتلئ المجرى المتواجد أمام السد و يفيض ستنتشر المياه التي تعلوه تلقائياً في كل الاتجاهات و لن تسير حصراً في حدود مجرى النيل، ولن تصل إلى مصر سوى كمية المياه التي يستوعبها مجرى النيل و ضفافه المنخفضة بزيادة نسبية قد لا تتجاوز ضعف رقم الفيضان السنوي المعتاد.3- الأمر الآخر الذي تم تجاهله هو وجود السد العالي في أسوان و انخفاض منسوب بحيرته بدرجة هائلة نتيجة زيادة الاستهلاك عن الوارد خلال فترة تخزين سد أثيوبيا مما يوفر به مساحة استيعاب هائلة.4- و لو لم يستوعب السد العالي كل هذه الكمية فهناك مفيض توشكي الذي يمكن توجيه الفائض إليه.5- في أسوء الظروف و لو فرضنا أن الماء زاد عن استيعاب السد و مفيض توشكا، و تجاوز بوابة السد فستتأثر بعض قرى النوبة بدرجة معقولة و غالباً لن تحدث كوارث بشرية لاسيما أن وصول الماء من أثيوبيا و تجاوزه للسد العالي يستغرق وقتاً طويلاً تحت سمع و بصر و رقابة الإعلام الدولي و المحلي، و في كل الأحوال ستكون تداعيات التخلص من السد الإثيوبي أفضل كثيراً من تداعيات بقاءه، بل أن الإسراع بتدمير السد هو الضمانة لتفريغ البحيرة بأمان و منع غرق مصر في حال انهارت البحيرة بكارثة طبيعية أو تفجير نووي.سهد النهضة الأثيوبي هو مشروع العميل السيسي الرئيسي:الشيء الذي أود التأكيد عليه هو أن سهد النهضة الأثيوبي هو مشروع العميل السيسي الرئيسي فهو الذي بناه فعلياً و أحياه من الموات و حوله بتوقيعه بالموافقة من حلم صهيوأثيوبي إلى حقيقة واقعة، و هو الذي يتبناه و يرعاه لصالح أسياده الصهاينة و هو الذي يعيق الحلول و يستخف مع عصابته بعقول الشعب بكافة فئاته بمناورات و تحركات وهمية الهدف منها استهلاك الوقت و غسل يده و تصوير الأمر على أنه أمر خارج عن إرادته و كان قدراً مقدوراً.!!!

الإدارة بالاستهبال.!!!:

الاستهبال و الاستخفاف هو العنوان الحقيقي لأسلوب إدارة النظام الانقلابي العميل لأزمة سد النهضة بداية من توقيع العميل السيسي بالموافقة مروراً بالمسرحية الفكاهية ” قول و الله العظيم ما أضر مصر “.!!!لقد سمعنا و سنسمع كثيراً عنتريات مصرية، و تحليلات سياسية و أخبار عن مفاوضات و عن أزمات داخلية إثيوبية، و تحركات عسكرية مصرية و سودانية، و أخبار العرافين و قارئي الفنجان و تنبؤات العرافة أم سحلول، و فتاوى فقهاء أحداث آخر الزمان بأن المصريين سيثقبون السد، و تأكيدات خبراء ” الجولوبيا “، بأن السد سينهار من تلقاء نفسه لأنه فوق منطقة زلزالية، و أن وأن و أن، إلخ إلخ إلخ، لكن لن تسمع منهم أحداً أبداً يطرح السؤال الجوهري :(( لماذا وقَّع العميل السيسي بالموافقة على بناء السد الإثيوبي دون قيد أو شرط ؟؟؟!!! ))

أخيراً و ليس آخراً فإن كل من يعول على حل سياسي أو عسكري أو حتى ” جمبري ” في وجود العميل السيسي أو أحد أفراد عصابته على رأس الحكم إنما هو شخص مغفل بامتياز أو قل بلا تحفظ ” معتوه “

……….. محمد عبد العزيز ………. 7/7/2021م.