بقلم | أمينة أمين

مسودة الدستور التي تعدها الحكومة المعينة أثارت العديد من اللغط بخصوص المادة التي تقضي بموجبها امكانية مشاركة الجزائر في عمليات حفظ السلام، تحت رعاية الأمم المتحدة و استعادة السلم في إطار الاتفاقيات الثنائية مع الدول المعنية.

تعد هذه سابقة لم تنصها اي مادة في الدساتير السابقة من قبل، في مايخص مشاركة قوات خاصة من الجيش خارج الحدود سوى أيام حربي 67 و 73 لما دخلت مصر في حربها مع إسرائيل والتي تعد مرحلة استثنائية. وبعد الخديعة وكذبة اكتوبر قررت الدولة الجزائرية عدم اشراك عناصر من الجيش الجزائري خارجيا. المسودة كانت مقترحة من أيام عهد الرئيس المعزول عبدالعزيز بوتفليقة لمشروع العهدة الخامسة. لو نرجع إلى 2013 السنة التي دخلت فرنسا في حربها على شمال مالي بحجة محاربة الإرهاب كانت البداية للضغوطات على النظام الجزائري بدخوله معترك الحرب الى جانب فرنسا في مالي وكان الأمر محرجاً بالنسبة لمؤسسة الجيش الجزائري لأن الدستور لايسمح بالتدخل في شؤون النزاعات الدولية. لكن كان التعاون بشكل آخر حيث سمح بوتفليقة، ومعه قائد الأركان قايد صالح أنذآك ، للطائرات العسكرية الفرنسية بعبور الأجواء الجزائرية بلا حدود و لا قيود لقصف “الإرهابيين”، حسب ما صرح به وزير الخارجية الفرنسي فابيوس Fabuis ثلاثة أيام بعد الغزو. وقدم النظام الحاكم في الجزائر “مساعدات وتسهيلات هائلة للفرنسيين”، كما قال متفاخراً وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، لقناة فرانس 24 بالعربية والفرنسية في صائفة نفس العام، مضيفاً، بإبتسامة عريضة، ” لقد قدمت الجزائر لفرنسا كل ما تحتاجه لنجاح حربها على الإرهاب في مالي عدا إرسال عسكريين باللباس العسكري”!! إلا أن فرنسا، ومعها حوالي ثمانية عشر دولة غربية متواجدة عسكرياً ومخابرتياً بمنطقة الصحراء الكبرى، تريد المزيد من الجماعة الحاكمة في الجزائر!

ومن أهم ما تضغط لتحقيقه، إضافة لإستمرار فتح الأجواء الجزائرية للطائرات العسكرية الغربية وتقديم الدعم اللوجستيكي والمخابراتي، أن تَنظَم قوات عسكرية جزائرية لما يعرف بالقوة “G5 Sahel”، و هي القوة التي تتشكل من عسكر تشاد، مالي، النيجر، موريطانيا و بوركينافاسو. ألحت فرنسا على الجزائر لتَنظَم رسمياً لتصبح العضو السادس في القوة التي تقودها فرنسا على أرض الواقع. وما إختيار عبد المجيد تبون، معين غير شرعي مفروض من قصر الإليزيه إلا لإستكمال العهدة الخامسة للحفاظ على المصالح الفرنسية، الذي سبق واقسم أن برنامج الرئيس (المريض) عبد العزيز بوتفليقة لن يتوقف. هذا الدستور يخدم الأجندات الخارجية وأن يد الإمارات واضحة لجر الجيش الجزائري الى المستنقع الليبي بعد الجيش المصري والسوداني.

وليست الإمارات فقط المتواطئة فإن مكالمة الملك بن سلمان للمعيّن تبون التي لم تعلن عليها رئاسة الجمهورية في بيانها. وماجاء في الإتصال أن بن سلمان عرض على تبون مساعدات مالية تدخل الخزينة الجزائرية، عبارة عن مشاريع وسندات مالية ودعم ملف الصحراء الغربية، كرشوة وإغراء للجنرالات، مقابل الإسراع على مصادقة الدستور حتى يكون الجيش الجزائري تحت تصرف الإمارات والسعودية للمشاركة في ليبيا و ربما اليمن وأي بؤرة توتر تشعلها قوى الشر العالمية في المنطقة العربية والساحل الافريقي على غرار شمال مالي. المضحك أن من سيصادقون على التعديل الدستوري، هم نواب البرلمان المحسوب على العهدة الرابعة البوتفليقية. اذاً أين هو التغيير الذي صدعتنا به السلطة والجزائر الجديدة !!!.

هل المرحلة تستدعي تغيير الدستور ام تغيير النظام ؟! مطالب الشعب ليست تغيير الدستور في ظل عصابة لازالت قائمة، إنما إسقاط النظام ومرحلة إنتقالية و بعدها التفكير في صياغة دستور جديد يشارك جميع الأحرار في صياغته وتطبيق نصوصه. عصابة لا تستحي أثارت مسودة الدستور في وقت الحجر الصحي، والاعتقالات التعسفية للمناضلين، كحرب نفسية على الشعب لتكسير الحراك .

يريدون من الجيش الجزائري أن يكون عبارة عن ميليشيا من المرتزقة بيد القوى الخارجية يستعمل في حروب لا ناقة له فيها ولا جمل. هل الجنود سيقبلون أن يكونوا مرتزقة أم سيتمردون؟، وحسب بعض المصادر التي تقول على أن هناك إحتقان كبير داخل الثكنات، والصور التي ترسل من طرف المجندين الى المدون المعارض المعروف بأمير ديزاد (DZ ) فيها اشارات مساندة للحراك وغير راضون عن مايجري داخل المؤسسة العسكرية. حملة عصاة الخدمة الوطنية هو حل من الحلول لقسم ظهر العصابة ولا لتجنيد أبناء الشعب من غير تجنيد أبناء الجنرالات والمسؤولين. الجزائر ليست بحاجة إلى دستور الذي يتغير مع مجيئ كل رئيس، يعبث فيه كدفتر محاولات، قدر ماهي محتاجة إلى الإستقلال وحرية شعب. مسودتكم لاتعنينا، و سود اللّه وجوهكم.