لأول مرة منذ انقلابه على الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو 2013م، يهدد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي مؤيديه بعد أن انضم الكثير منهم إلى معسكر المعارضة الجديدة، التي يسبقها معسكر الإسلاميين ومناصروهم الرافضين للانقلاب منذ اليوم الأول.

يأتي ذلك على أثر الإجراءات القمعية التي اتبعها السيسي ضد من عاونوه في الانقلاب عندما وجدهم يجهزون للانقضاض على شبه دولته التي مزقها خلال السنوات الأربع الماضية.

حالة الرعب التي بدى عليها السيسي، وهو يهدد ويتوعد من يقترب منه مذكرهم بخلفيته العسكرية، وأنه لن يسمح بحدوث ثورة عليه مثل الخامس والعشرين من يناير، تؤكد الأمر.

فهل كل هذا الرعب وليد أجراءاته الأخيرة، ووقوف بعض القوى السياسية التي أيدته سابقا في صف المناوئين له الآن، ولماذا تظل جماعة الإخوان المسلمين هي هاجس السيسي رغم علو أصوات الآخرين ضده؟ وهل أصبح لمصر خريطة واضحة للمؤيدين والمعارضين أم أن الأمور لن تخرج عن معارضة الحناجر دون أن يكون لها وجود على أرض الواقع؟

المعارضون الجدد

في هذا الصدد، أكد الباحث المتخصص في الشئون السياسية، أسامة أمجد، “أن الإجواء التي تشهدها الانتخابات الجارية أيقظت قطاعا من المعارضة ولكنه قطاع فاعل ومؤثر في محيطه فقط لأنه محدود الانتشار، ولكن أهميته بأنه كان مع السيسي في مربع واحد”.

واستطرد: “بل إنهم هم الذين قدموه باعتباره المنقذ لمصر من الإخوان المسلمين، وبرروا له كل أفعاله القمعية من أجل التخلص من الإخوان وغضوا الطرف عن الدماء التي سالت على يد قوات الشرطة والجيش في فض اعتصامات رابعة والنهضة وغيرهما حتى لا تقوم للإخوان قائمة مرة أخرى، ولذلك هم تعاملوا مع السيسي من مبدأ (أنا وابن عمي على الغريب) كما يقول المصريون”.

ويضيف “أمجد” أن وجود حركات مثل “التجمع المدني الديمقراطي” و”الحركة الثورية” ودعوات مثل “خليك في البيت”، والانتقادات التي توجها شخصيات سياسية مستقلة وبقايا ثوار يناير من غير الإسلاميين مثل “6 أبريل” وحزب خالد علي وغيرهم، “أعطى دفعة وميزة للمعارضة ولكن ليس في الداخل المصري وإنما في الخارج”.

وتابع: “فمثل هذه الأصوات لها صدى في الخارج كما أنها تنقل الخلاف من كونه بين قائد الانقلاب والإخوان المسلمين، إلى خلاف مع نظام مستبد ديكتاتوري يستخدم القوة الغاشمة في الإطاحة بمنافسية حتى لو كانوا من أبناء مؤسسة واحدة”.

أربعة فرق

من جهته يرى الكاتب المتخصص في التنظيمات السياسية، أحمد الجيزاوي، أن “الساحة السياسية في مصر تنقسم الآن إلى أربعة أقسام كل قسم له ما يميزه وما يعيبه، فالقسم الأول هو نظام الانقلاب الذي يسيطر على مفاصل الدولة ويقف من وراءه قيادات المجلس العسكري، والشرطة والبرلمان وقطاع من القضاء وقيادات الكنيسة ورموز من القيادات الدينية الإسلامية”.

واستطرد: “وأحزاب هامشية من أصحاب المصالح جمعت نفسها مؤخرا فيما عرف بالتحالف السياسي المصري والذي يضم الأحزاب الداعمة للسيسي، وهذا الفريق بلا شك هو الأقوى لأنه المتحكم والذي يملك القوة والمال، ولكن نقطة ضعفه في كره الشعب له والذي يراه امتدادا سيئا لنظام مبارك مما جعله مهتزا غير مستقر”.

أما الفريق الثاني، يضيف الجيزاوي فهو “المعارضة حتى الممات والذي يمثله الإخوان المسلمون والقوى الأخرى التي رفضت الانقلاب منذ اليوم الأول أو ما يعرفون بأنصار الشرعية”.

وتابع: “هذا الفريق رغم أنه موزع بين المعتقلات والقبور والمنفى ويعد الأضعف في الحلقة الداخلية، إلا أن كل فشل للسيسي يزيده قوة على أرض الواقع مع وجود قناعة لدى قطاع منه بضرورة التخلي عن فكرة عودة الرئيس مرسي للحكم مرة أخرى لما يمكن أن يمنحه ذلك من ليونة أكثر في الحركة مع باقي الرافضين للسيسي، وتظل قوة هذه القطاع في اتصاله بالشارع رغم حملات التخويف والتشويه التي تعرض لها”.

ويأتي على قمة الفريق الثالث، بحسب المتحدث “شركاء السيسي في الماضي وهو مربع 30 يونيو وجبهة الإنقاذ، وقوة هذا الفريق في أنه الأكثر إزعاجا والأعلى صوتا، وأنه يستطيع التحرك في المساحات الممنوحة له لاستكمال الديكور الديمقراطي بما يضر السيسي، ويجعل صوته مسموعا لدى المجتمع الدولي وهو ما يمنح حركة الرافضين للسيسي في المجتمع المدني الغربي قوة إضافية لتضييق الخناق عليه”.

ويحدد “الجيزاوي” الفريق الرابع بأنهم “المعارضين للسيسي من داخل توليفة النظام وتحديدا داخل القوات المسلحة، وهو قطاع بدأ يكشر عن أنيابه بعد اعتقال الفريق عنان، ورغم أنه قطاع مجهول وغير ملموس إلا أن الإجراءات القاسية التي اتخذها السيسي ضد عنان (مع علمه بأنها سوف تشوه صورته)، وما تبعها من تهديدات صريحة من أي تحرك، تشير إلى أن هذا القطاع يمكن أن ينفجر في أي لحظة”.

وأضاف: “وفي هذه الحالة يمكن أن يشكل مع الفريقين الثاني والثالث قوة شعبية مدعومة عسكريا، أو العكس؛ قوة عسكرية مدعومة شعبيا للاطاحة بالسيسي، وهو ما يبرر تخوفات السيسي المستمرة من جماعة الإخوان المسلمين رغم ما تعرضوا له من تنكيل ليس له مثيل خلال السنوات الأربع الماضية”.