بقلم| د. عبد الحكيم المغربى

اننا جميعا نعيش بهذه الحياة الدنيا من أجل الحصول على الأموال الطائلة، من أجل بناء أسرة وتربية أولاد وتأمين لمستقبلهم وخلافه، ومن أجل ذلك تضيع أعمارنا ونحن منغمسين في هذا المستنقع ولا نخرج منه أو لم نستفيق منه للأسف الا بعد فوات الأوان ،عندما نجد أنفسنا وصلنا الى أرذل العمر وأصبحنا بالستينات من العمر أكثر أو أقل، وهذا العمر كما أخبرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن أعمار أمتى بين الستين والسبعين (رواه الترمذي) أي قد وصلنا الى مشارف الموت وضاعت الدنيا وراء السعي على الرزق وتربية الأولاد وبناء العقارات وزيادة الأموال بالبنوك ،ونسينا أو تناسينا الحياة الحقيقية الباقية الخالدة، فالبعض منا يعيش الى الثمانينات والتسعينات من العمر وأحيانا أكثر، ولكنها استثناءات وحتى لو عاشها بالفعل فلن نكون أفضل من أصحاب الكهف 309 سنة وقالوا عشنا يوما أو بعض يوم ، فأجلس أخي الحبيب اختى الحبيبة في الله مع نفسك بعيدا عن صخب الدنيا وشهواتها لحظة مع نفسك ، وتذكر شريط حياتك منذ ولادتك وحتى هذه اللحظة، استعرضه وشوف كم يأخذ من الوقت معك؛ انها لحظات بسيطة جدا وهذه هي حياتك بحلوها ومرها.

الخلاصة من هذا الاستعراض لما نعيشه ونقضى حياتنا هباء منثورا، لا أقلل من السعي في الدنيا من أجل العيش الكريم والرزق الحلال، ولكن لابد علينا جميعا أن نعمل للحياة الحقيقية الخالدة بقدر ما نعمل لهذه الحياة الفانية البالية، وكما ذكرت آنفا مفترضا أنك سوف تعيش مائة سنة أو أكثر، ولكن الحياة الأهم بالطبع التي لا تنتهى حياة الخلود؛ فعليك هنا الاختيار تكون خالدا بالنار والعياذ بالله ،أم تعيش في جنات النعيم مع النبيين والشهداء والصالحين، وتنعم برضا الخالق جل في علاه فالحياة التي نفنيها من أجل اسعاد الزوجة والأولاد لن تنفعك أخي الكريم، بالرغم من أنها سبب لدخولك الجنة ان شاء الله ورسالة الحياة الدنيا، ولكنى أذكرك بقوله تعالى : {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِين}[الدخان:29] ، فبعد موتك لن يبكى عليك سوى السماء والأرض، وقتها سيحزن عليك أقرب المقربين، ويذكرك لحظات وتنسى، وسوف يتذكرك فقط ويشفع لك، هو عملك الصالح ، ويكون وقتها أمامك طريقين لا ثالث لهما ،أما الجنة واما النار أجارنا الله منها، لذلك علينا حينما نعمل في هذا الدنيا بلغة العصر والأرقام والمعطيات السابقة، ستعيش في هذه الدنيا مثلا مائة عام ،وعيش الأخرة مدى حياتك الحقيقية الباقية وهى الخلود، حقيقية ليست من عندي، ولكنه كلام الخالق جل في علاه : {يَقُولُ باليتني قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}[الفجر:24]، فعليك العمل على الأقل 70% لحياتك و30% لدنياك؛ هذا هو عمل المسلم الكيس الفطن الذكي؛ والتطبيق العملي لهذا هو: السعي للرزق الحلال؛ والتصدق يوميا ولو بالقليل ريال يوميا ،أو بأي عملة كل حسب بلده جنيه يوميا على سبيل المثال؛ فالصدقة هامة جدا ستعرف قيمتها بالآخرة ﴿ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ البقرة ، ﴿ وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ )المنافقون: ومنها استظلال المؤمن في ظل صدقته يوم القيامة: عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله… منهم: ورجل تصدق بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه .

ويوم القيامة يأتي العالم بعلمه، والمجاهد بجهاده، والمصلي بصلاته، والصائم بصيامه، ويأتي المتصدق بالعلم والجهاد والصلاة والصيام، فهو قد طبع كتبًا للعلماء وقفًا على إخوانه المسلمين، وبنى مسجدًا يصلي فيه المسلمون، وأعان المجاهدين في سبيل الله بماله، وفطر الصائمين على نفقته، فيحصل له أجْرُ هؤلاء جميعًا، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، (صحيح البخارى ومسلم). وجدير بالذكر لقد أعددت كتابا بعنوان ( رسالة السلام الاسلامي للإنسانية ) يوضح للعالم عامة والغربي خاصة، ما هو ديننا الحنيف ،وما يدعوا اليه من تعايش سلمى مع جميع البشر دون تفرقة بين جنس أو عرق أو دين، وبه الخير الكثير موثق من الكتاب والسنة، لتغيير مفهوم (الإسلام فوبيا)، ومفهوم (الإرهاب) الذى دائما نتهم به ويتهم به ديننا الحنيف ظلما وبهتانا والتفاصيل كثيرة بالكتاب المكون من ستة أبواب (600 صفحة) وهذه فرصة لمن سيساهم فيه هذه الأيام، في ظل جائحة كورونا التي نعيشها والعالم أجمع، والجميع الان بالغرب متعطش للتعرف على هذا الدين وعلينا كمسلمين ؛لأنه يرى الموت أصبح على الأبواب، والأعداد في تزايد مستمر كما نشاهد ونرى بكل لحظة بوسائل الاعلام المختلفة، فهذه فرصة ذهبية لمن يريد الصدقة الجارية لهو ولأخرته المساهمة ولو بلغة واحدة، لأنه يحتاج الى الترجمة والنشر بعدة لغات ان لم يكن بجميع لغات العالم؛ ليتعرف العالم ما هو الإسلام الوسطى السمح ؛الذي يدعوا الى الحب والتسامح والتعايش مع جميع البشر؛ فعلى محبى الخير من رجال أعمال وأصحاب الشركات وغيرهم من كافة البشر؛ من يريد الأخرة والجنة ان شاء الله ، يساهم ويتعاون معنا بالنشر ولو بلغة واحدة، وهى لا تتعدى (20 ألف ريال سعودى ) فقط لأغير، وهذا سيكون رصيدك بأخرتك ان شاء الله ؛لآنى أعددته خالصا لوجهه تعالى، لنشر الخير للبشرية بل وللإنسانية جمعاء دون تفرقة، وجزاكم الله خيرا وجعله في موازين حسناتنا، وحسناتكم ان شاء الله.

وطبعا قضاء الفروض الخمس بأوقاتها، وهذه علاقة بينك وبين ربك ،ولكن لا تنس أن الدين المعاملة؛ لابد أن يكون خلقك القرآن وتعامل الناس معاملة حسنة؛ من صدق وأمانة ومساعدة البشر بنية خالصة لله، البعض للأسف يتهاون في مساعدة الأخرين بحجة عدم وجود وقت وعدم مبالاة وعدم أهمية؛ ولكنه لو عرف أهمية مساعدة أخوك المسلم لوجه الله ، لما لها من فضل كبير كما أخبرنا رسولنا الكريم أنها أفضل من الاعتكاف بمسجده شهرا كاملا؛ فليس الدين فقط قضاء الفرائض وانما الدين كما ذكرت آنفا المعاملة؛ وترك العنصرية والتجسس والانشغال بأخبار الآخرين؛ لو انشغلت بنفسك وبآخرتك التي هي حياتك الباقية الخالدة لعشت سعيدا بحياتك؛ وكسبت آخرتك والأهم من ذلك كله، كسبت رضا ربك ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام؛ فعلينا أحبابي في الله وفى ظل هذه الظروف الصعبة التي يعيشها العالم أجمع، أن نستفيق قبل فوات الآوان ؛ ونعمل لحياتنا الباقية الخالدة ؛ ولا تنس نصيبك من الدنيا ، ولكن بهذه المعادلة وهذه الأولوية والنسبة المذكورة آعلاه بالمقالة؛ اللهم أحسن ختامنا وأرضى عنا؛ يا أرحم الراحمين قولوا آمين، تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ، وكل عام وحضراتكم بخير وصحة وسعادة ، ان شاء الله.
9/6/2020 – 17شوال 1441هـ
[email protected]
https://almaghrby.com/isamic/peace/