بقلم| محمد عبد العزيز

من طرائف ما قرأت قديماً عن الحياة الشخصية للممثلين: – حضرت الشرطة لمطاردة بعض اللصوص في عمارة كان بها اجتماع عدد من الفنانين و الفنانات، و حدث إطلاق رصاص فكان أول من اختبأ خلف الكراسي مذعوراً قبل النساء وحش الشاشة فريد شوقي و رفيقه شرير الشاشة محمود المليجي.!!!

– ممثلاً كبيراً راحلاً كان له برنامج يومي يتحدث فيه بالحكمة عما يجب ومالا يجب كان يقود على زوجته أيام حكم جمال عبد الناصر.!!!

– وفاة ممثل البرامج الدينية الكبير ذو الصوت الأجش و الأداء الوقور عرياناً في فندق بسبب جرعة هيروين زائدة.!!!

– العثور على جثة المطرب الصاعد بجوار حائط في أحد الشوارع بعد أن حقن نفسه بالمخدرات.!!!

– القبض على الممثلة الشهيرة بسبب تجارة و حياذة المخدرات.!!!..حدث ولا حرج.

ربما بدا هذا لي صادماً و عجيباً أيامها، لكن الحقيقة المجردة أنه ليس في الأمر أي غرابة.

فمن الجهل أن نربط بين حياة الممثل الشخصية و أدواره في السينما، و من الغباء تصور شخصيته الحقيقية مطابقة للشخصيات التي يمثلها في أفلامه و مسلسلاته و برامجه، و من السذاجة إعطائه دور في الواقع مشابهاً للدور الذي يقوم بتشخيصه في أدواره التمثيلية. ينطبق هذا على كافة أصناف الممثلين المحترفين و منهم مقدمي برامج ” التوك شو “.

ربما لا تعرف الغالبية العظمى من المشاهدين أن مقدم برنامج ” التوك شو ” الناجح ما هو إلا ممثل محترف يحتاج لمهارات تمثيلية مطابقة للمهارات التي يمتلكها الممثل المسرحي و تتشابه طريقة عمله و أدائه في برامج” التوك شو ” مع دور الممثل المسرحي.

ربما يعتقد معظم من لا يعرفون طريقة إدارة و إعداد و إخراج برامج ” التوك شو ” أن المذيع يتحدث فيها بناءً على رأيه أو قناعته الشخصية أو تبنيه لقضية معينة، و هذا و للأسف اعتقاد ساذج فمقدم برنامج ” التوك شو ” ما هو إلا ممثل محترف يؤدي دور و سيناريوا معد مسبقاً يجهز له فريق الإعداد كل ما سيفعله و يتحدث به و يتم تلقينه بكل ما يقول على الهواء أثناء بث الحلقة بعدة طرق أبرزها الميكروفون اللاسلكي المخفي خلف أو داخل الأذن و لوحات البيانات و العناصر المواجهة له خلف الكاميرات و وسائل أخرى، علاوة على إشارات المخرج الصامتة من خلف كاميرا التصوير، بينما يقتصر دور مقدم البرنامج على تقمص ما يقول ليبدوا معبراً عنه و منفعلاً به..

لا يختلف مقدم برنامج عن آخر سوى في جودة التمثيل و تقمص مايقوله ليبدو صادراً عن رأيه و قناعته الشخصية و قدرة البعض منهم أن يضيف كلمة أو جملة لملأ فراغ ما، على شرط أن تكون في نفس سياق المادة الإعلامية التي يتم تلقينه إياها.. و هذا هو السبب الرئيس الذي يفسر اختلاف و تناقض مباديء و محتوى الرسالة الإعلامية التي يقدمها معظم مقدمي برامج ” التوك شو ” و يتضح ذلك بجلاء لمن يتتبع ما يقدمونه و يطرحونه على مدى زمني طويل..

الحقيقة المطلقة و المجردة أن الرسالة الإعلامية و كامل الحوار في برامج ” التوك شو ” و بنسبة تتراوح غالباً بين 95% إلى 100%، هي الرسالة التي يريد مدير القناة أو مالكها توصيلها إليك و إقناعك بها.. و الصانع الحقيقي لهذه الرسالة بأدق تفاصيلها هو المخرج و فريق الإعداد.. و ما المذيع إلا ممثل يتقمص الرسالة المطلوب بثها و يؤدي الدور المطلوب.. لا تظن أن مقدم برنامج ” التوك شو ” المتحمس في عرض قضية ما يتبنى بالضرورة هذه القضية، ولا تصدق أن المذيعة ” الغيورة على الإسلام الذي لا تعرفه ” طردت الضيفة الملحدة المستفزة بقرار شخصي منها فلو فعلت ذلك لطردت هي من القناة.. لا تعتقد أن مقدمة البرنامج ” الحنينة أم عيون جريئة “، بكت إشفاقاً على الحالة الإنسانية التي تعرضها بعيداً عن توجيهات المخرج.. ولا أن الضيوف قد حضروا ليفاجئوا المذيع بأطروحاتهم دون اتفاق مسبق و تحديد لإطار الحوار المطلوب بما فيها الخلافات الحادة و التي قد تصل أحيانا لرفع الأحذية فحتى هذه أكثرها بهارات متفق عليها مسبقاً.

هذه حقائق مجردة ينبغي أن يعرفها الجميع. كل حلقة من برامج ” التوك شو ” ما هي إلا فصل في مسرحية مؤلفها و مخرجها و موجهها لا و لن تراه على الأرجح.. و ما المذيع المهذب المحترم ، أو الحكيم المثقف، أو الوديع الإنسان، أو الجريء الشهم الغضنفر، ” أيا كانت الصورة الذهنية التي تم ترويجها له “، ما هو إلا ممثل يرسم ببراعة صورة محددة و دور مطلوب.. نصيحتي للجميع ألا يغالوا في مقدم برنامج ما أو يربطوا ولائهم أو قضيتهم بشخصه فمذيعي ” التوك شو ” على اختلاف مشاربهم ما هم إلا ظاهرة ميديا إحترافية، و ممثلين يمكن أن تتغير أدوارهم في أي لحظة حسب إرادة مدير القناة و المالك و الممول

محمد عبد العزيز 17/11/2017