بقلم| أ. جمال فريد الغانم

. ان ما يحرك الانسان اي انسان هو الطاقة الحيوية ، وأما ما يدفع الانسان كل انسان للقيام بالاعمال فهو إما الحاجات العضوية وإما الغرائز ولا شيء غير ذلك. اما اشباع الحاجات العضوية فهو ميسور الفهم والشرح فالانسان بحاجة للأكل بأنواعه والشرب بأصنافه المختلفة وللنوم وتوابعهن . اما اشباع الغرائز فقد امتاز الاسلام بأنه اشبع جميع الغرائز : غريزة البقاء وغريزة النوع وغريزة التدين والغرائز كلها لا تخرج عن هذه ولذلك تجد المسلم قرير العين مطمئنا منشرح الصدر عموما لأن أعماله تناسب فطرته وقلبه مطمئن لما يحصل من اشباع لغرائزه ومظاهرها المتعددة المتنوعة .

اما ان نظرت الى الرأسمالية فإنك تجد أنها لا تشبع إلا غريزة البقاء ( بقاءه شخصيا ) ولا تهتم الا بها ولديها استعداد لطمس غريزتي النوع ( بقاء النوع الانساني ) والتدين ( والتقديس ) لان الفردية في الفكر الرأسمالي مقدسة لا بل هي الوحيدة المعتبرة فكل ما يخدم المنفعة والشهوانية هو أمر مقدس .

انظر الى الرأسمالية حين قدست حرية الرجل في اتخاذ رجل آخر وسمح للمرأة ان تتخذ امرأة اخرى شريكا لحياتها الجنسية ليشاركه وليشاركها الاشباع الجنسي رغم ان هذا ان حصل سيقضي على النوع البشري اي انها مستعدة لقتل غريزة النوع .

لقد أذنت الرأسمالية أن تتخذ المرأة كلبا زوجا او سجادة او حمارا . اما قتل الرأسمالية لغريزة التدين فلا يقل خطورة حيث أنه لن يبقى لدى الانسان في قاموسه معنى لكلمة خير ولا شر وبالتالي تصبح الدنيا غابة كلها جشع ومص دماء واستغلال لأنه بغياب التدين تغيب الأخلاق بشكل اوتوماتيكي ويغيب الميل الى التعاطف او الإحسان او الحنو على الضعفاء لأن الرأسمالية تنفي وجود أي جائزة لمن يحسن للآخرين لأنها تنفي وجود الجنة ولانها تنفي ان يكون الله قد وضع للبشر قوانين تحدد ما هو الخير الذي يوصل الى الجنة ولا ما هو الشر الذي يجب اجتنابه كي نحذر النار .

الرأسمالي لأنه لا يؤمن بالبعث بعد الموت لن يعطف على الفقير ولا الضعيف لا بل أنهم يعلمون اتباعهم ان ” البقاء للاقوى ” ” البقاء للأصلح ” . لكن المسلم لن يقتنع ولن ترتاح فطرته لهذا لأنه يرى ان الضعيف هو مخلوق خلقه الله بهذا الضعف وعلى هذا الشكل فلا مجال لنفكر انه لا يحق له ان يعيش . المسلم ينظر الى انسان خلقه الله أعمى فهل يقول أنه لا يستحق الحياة؟ هل تقبل الفطرة السليمة بقتل انسان لأنه أعمى أو أصم أو ابكم؟؟ !

لذلك تجد صاحب الفطرة السليمة اذا قابل اعمى يريد قطع الطريق فإنه ينطلق لمساعدته . هنا يأتي السؤال : لماذا هب لمساعدة الأعمى ؟ علما ان الأعمى لن يعرفه ولن يكافئه . ما الذي دفع صاحب الفطرة السليمة لتقديم العون لكائن ضعيف لن يرد الجميل ؟ ان صاحب الفطرة السليمة حركته غريزة التدين فالذي خلقه خلق فيه رحمة يتراحم الناس بها حتى وإن لم يكن ينوي أنها عمل مندوب شرعا بل انطلق كي يشبع غريزته التي تحرضه على عمل الخير .

فما المكافأة ؟ ما العائد ؟ من المعلوم ان الانسان ليس كائنا عبثيا اي انه لا بد من ربط الاسباب بالمسببات اي لا بد ان وراء الفعل هدف وغاية . انظر الى اهل البلاد الراسمالية كيف يفرغون ما في فطرتهم من حنان في الكلب نعم يصبح الكلب أفضل عندهم من الأم والأب والابن وهي محاولة لإشباع غريزة النوع بشكل يخالف شرع الله .

انظر الى أهل البلاد الرأسمالية كيف يفرغون ما تحثه عليه الفطرة لمساعدة فقير رغم ان نظامهم يعلمهم ان الفقير لا يستحق المساعدة الا ان الفطرة قد تغلب احيانا ولو سألت الرأسمالي لماذا تساعد الضعيف وماذا تتوقع بالمقابل كمكافاة وممن ؟ فلن يكون جوابه منبثقا من العقيدة الرأسمالية .

صاحب الفطرة السليمة بعدما يساعد انسانا يرتاح وينشرح وهذه هي الفطرة وهذا ما يحصل بعد اشباعها ومساعدة البشر تشبع غريزة النوع وهذا ما أهمله النظام الرأاسمالي .

لتضليل البشر يقوم النظام الرأسمالي بتوجيه الشعب لتقديس العظماء والخطباء والعلماء والرياضيين ونجوم السينما في محاولة لتفريغ ما في الفطرة من ميل غريزي للتقديس . في القديم كان كثير من الشعوب تقدس حجرا أو الشمس أو القمر أو الوثن لان الإنسان يبحث عما يشبع غريزة التدين لترتاح فطرته أو تتوهم انها ارتاحت .

سيظل البشر يبحثون عن كيفية لاشباع غريزة التدين وغريزة النوع وغريزة البقاء بشكل يتوائم مع الفطرة ويطمئن القلب ويقنع العقل لانهم مفطورون وهذه الفطرة تعمل على معاونة الانسان للوصول الى الحق ولذلك يظل يبحث ولذلك تجد أن البشر يكثرون من التحول الى الإسلام ونادرا ما تسمع ان يتحول انسان عن الاسلام . الحمدلله الذي جعلنا مسلمين .