كما حدث في فيلم “سر طاقية الإخفا” حين وجد عصفور بالمصادفة, بودرة العفريت واستطاع عن طريقها تحقيق بعض النجاحات الصحفية ليحظى بالترقية والنجاح الوظيفي لتقبل خالته عرضه للزواج من ابنتها, فيبدو أن الانقلاب في مصر قد توصل إلى “بودرة عفريت” استطاع بها إخفاء الـ 25 مليون ناخب الذين يدعيهم. ويبدو أن الانقلاب اكتشف منجماً ضخماً حصل منه على كمية كبيرة من “بودرة العفريت” مكنته من إخفاء 25 مليون ناخب وإغراق اللجان بهم دون أن يراهم الشعب. والحقيقة أنني لا اعرف, هل اصبح الواقع بعد انقلاب يونيو 2013 مربوطاً إلى هذه الدرجة بأحداث الأفلام, أم أن القائمين على تلك الأفلام كانوا عباقرة استطاعوا نسج أحداث تنبؤوا فيها بمواقف مستقبلية ؟

وأنا في الحقيقة استغرب مع كل هذه الكمية الهائلة من “بودرة العفريت” لماذا احتاج الانقلاب إلى مشاهد الرقص وإلى استئجار بعض فرق الرقص الشعبي في بعض اللجان ؟

طالما امتلك القوم هذه الأطنان من بودرة العفريت التي القوها على الناخبين واخفوا بها زحفهم إلى اللجان, فلم كانت كل تلك المصروفات ؟ لماذا كانت تلك المليارات التي انفقوها على لافتات ربما فاق عددها عدد السكان بمصر ؟ ولماذا كانت تلك التغطية التي اظهرت اللجان الخاوية حتى مع الحرص على أخذ لقطات مقربة حاولوا بها تضخيم عدد الحضور ؟ ان هذه الجحافل الخفية من الناخبين السريين الذين لم يرهم أحد, لتذكرنا بمشهد من نفس الفيلم حين وقعت “طاقية الإخفا” في يد الممثل الشرير الذي لعب دوره “توفيق الدقن”, فامسك بتلابيب الممثل الطيب “عصفور” وظل يضربه محاولاً إجباره على ترديد أن العلبة بها فيل !

ان الانقلاب يبدو كمان يمسك بتلابيب الشعب محاولا اجباره على الاعتراف بأنه شاهد 25 مليوناً من الناخبين !

في 2014 كان أمل عسكري الانقلاب في المشاركة ضعيفاً ولكنه ظل يعتمد على مشاركة بعض الفئات ولم يكن الواقع السياسي في مصر قد تصحر كما هو الحال الآن وكانت الوعود بالرخاء الاقتصادي المزعوم في أوجها ومع ذلك احجم الشباب عن المشاركة وظهرت اللجان خاوية وظل إعلام الانقلاب يستجدي المشاركة ولكني ازعم أن الانقلاب رغم كل هذا كان ربما يمتلك بعض الأمل, فقد كانت لديه كتلة (وإن صغُرت) إلا أنه كان يستطيع الادعاء أن لديه كتلة شعبية ما اما الآن وقد اكتوى الجميع بنار الجحيم الاقتصادي الذي تعيشه مصر وانفض الجميع عن الانقلاب, فقد كان لزاماً عليهم أن يكذبوا وهم يعلمون أن الناس تعلم أنهم يكذبون.

ان هذه الطريقة من الكذب وتصوير أعداد هزيلة يستحيل أن تتجاوز 200 الفاً من الناخبين (اغلبهم نزل تحت التهديد), إلى 25 مليون ناخب مزعوم, لهي طريقة تبشر بمرحلة جديدة تدخلها مصر, ربما تفوق اعتى مراحل الكوميديا السياسية. مرحلة ربما يحرمون فيها أكل الملوخية. مرحلة ربما ترى فيها الكتاب الأخضر في كل يد, يُدرس في المدارس ويحفظ الطلبة منه قطعاً كاملة يلقونها في المناسبات.
في نهايات عام 2013 كنت أول من اطلق لقب القذافي على عسكري الانقلاب, ولكني لم أظن أن تصل مصر إلى مرحلة الكتاب الأخضر بهذه السرعة. ولم أكن اتصور أن يحلق الانقلاب في آفاق جديدة من الكوميديا السياسية متجاوزاً مراحل الـ 99.99% التي توقفت عندها ديكتاتوريات العالم الثالث في القرن العشرين. ولنا أن نتصور أنه بعد مرحلة محاولة اقناع الشعب بالـ 25 مليون ناخب سري, إنه لن يمر وقت طويل حتى يدشن الانقلاب عصر زراعة المكرونة !!