يبدو أنه على أسرة الرئيس مرسي أن تتحمل جانبا من ثمن انتخابه رئيسا، ويبدو أنه على أسامة مرسي نجل الرئيس أن يدفع ثمن ثبات أبيه في تلك المباراة التي بدأت بعد الثورة، وازدادت سخونتها حتى تصاعدت في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، حتى أصبحت أشبه بمباراة غير ودية بين مرشح الشعب ومرشح العسكر.

مباراة تكسير عظام، بل إن شئت الدقة، كانت مواجهة صامتة بين الشعب وبين العسكر يعض كل طرف فيها على أسنانه.

للمرة الأولى كان رأي الشعب يؤخذ فيمن يحكمه. للمرة الأولى انفكت تلك القيود التي ظلت تكبل الشعب عقودا. كانوا يختارون ممثلهم لأول مرة ولا ريب أن النتيجة هالت العسكر.

عتاولة دولة المخلوع يقفون ليؤدوا التحية لرئيس ملتح؟

كان الشعب يدفع العسكر إلى الانتخابات دفعا. قبلها حاول العسكر ممارسة اللعبة القديمة، ألبسوا أحدهم ثيابا مدنية ليتظاهر بأنه مدني!!
وكأن الحلة المدنية تجعل من صاحبها مدنياً هكذا بضغط زر!!

كان رد الفعل حازما. الشعب لم يعد يقبل بهذه الألاعيب والانتخابات ستتم في الموعد المتفق عليه!
هكذا اُسْقِطَ في يد العسكر وكان عليهم تقديم مرشحهم في مواجهة مرشح الشعب. ولا ريب أن النتيجة كانت تحمل نُذُرا كارثية للعسكر. فبعد قرنين من الحكم العسكري ومع كل هذه الدعاية كان الملتحي هو صاحب الكفة الراجحة !

كان على مؤسسة العسكر أن تقف لتؤدي التحية للرئيس الملتحي مرشح الشعب. كانت هذه هي اللحظات التي ادركت فيها مؤسسة العسكر التي نزلت من فوق عرش مصر شهورا، أنه لا سبيل لحكم الشعب إلا بالقوة.

وبعد الانقلاب كان على العسكر أن يقوما بأمرين متناقضين، الأول أن يتظاهروا أن التجمع المفتعل في 30 يونيو ثورة، والثاني أن يتجاهلوا تماما الرفض الشعبي وأن يتظاهروا بأنه غير موجود.

ثم كان التنكيل الوحشي بالشعب عقابا له على اختيار رئيس من خارج مؤسسة العسكر. خلال الفترة التي تلت الانقلاب كان العسكر في سباق لمحو آثار الثورة وإعادة الشعب للمربع صفر.

فكانت مجزرة رابعة، وكان ما بعدها من مجازر استهدفت في الأساس كسر إرادة الشعب أو بالأحرى، كسر إرادة النواة الصلبة التي تقود التغيير.

ثم من بعد ذلك موجة من الأخبار العجيبة صُنعت لترهيب الشعب بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات القمعية غير المسبوقة كالحكم بالحبس 11 سنة على فتيات تظاهرن!

ورغم أن الحكم على أسامة مرسي بالسجن ثلاث سنوات بتهمة امتلاك سكين في منزله، لا يقل عبثية عن الخطاب الذي أرسله ملك الهكسوس إلى أمير طيبة يخبره فيه أن أصوات أفراس النهر في طيبة تزعجه، وأنه يبدو للوهلة الأولى رغبة في التنكيل بالشعب ومعاقبته إلا أنه يحمل في نظري، مدلولا آخر.

وهو الرغبة في كسر إرادة المتشبثين بشرعية الرئيس مرسي وإظهار عجزهم لإغلاق ملف الرئيس مرسي وطيِ صفحته حتى لا يعلو صوت فوق صوت حملاتهم التي يبدو أنه لا يوجد من يتحمس لها.

المشكلة الكبرى التي تواجه كل من يحاولون الترويج لمسرحية انتخابات 2018 هي أن الشعب يرفض لعب دور (كومبارس) يقف في الشوارع أمام اللجان في فيلم الانتخابات، ولسان حاله يقول: ما دمتم تسرقون أصواتنا فلترشحوا أنفسكم ولتنتخبوا أنفسكم ولتنجحوا أمام أنفسكم!

ما دمتم معنيون بتنحية الشعب فلتتصرفوا على أنه غير موجود ولن يقف أحد أمام لجان ليكمل المشهد!

الشعب يتصرف بملل من سئم اللعبة كلها، وفقد اهتمامه بالأمر برمته بعد انقلاب 2013. وربما كان الحل الوحيد ليتصرف الشعب باكتراث هو عودة الرئيس مرسي!