بقلم| أمينة أمين

كشف المعيّن، عبد المجيد تبون، خلال زيارته للمسجد الأعظم، عن موعد تدشين الجامع الذي سيتم في 01 نوفمبر المقبل وهو التاريخ الذي يصادف الذكرى الـ 66 لاندلاع الثورة التحريرية. وأضاف في ذات السياق: “نحن نوفمبريون وسندشن هذا المعلم الديني والثقافي والتاريخي في ذكرى ثورتنا التحريرية المجيدة”.

أيها الباريسي .. لست بالنوفمبري ولا الثوري ، أنت الديسمبري، الذي بموجبه تم تعيينك رئيساً غير شرعي بقوة التزوير. وما تصريحك هذا إلا مجرد تلاعب بمشاعر الشعب في ذاكرته الثورية، تستغلون المناسبات الوطنية لتدشين مشاريعكم والتغطية على أهم الأحداث، التي تعيشها البلد مع عودة الحراك و مطالب الأحرار في التغيير السياسي.

إتخذتم من المسجد الأعظم، الذريعة لكسب الشرعية ولتسليط الضوء عليكم داخلياً و دولياً. المسجد الذي أراده الرئيس المعزول عبد العزبز بوتفليقة، المهوس بالنرجسية وجنون العظمة أن يكون من أعظم إنجازاته طيلة فترة حكمه. يعود إنطلاق المشروع إلى تاريخ 20 مايو 2012، و تم إستكماله أواخر 2018، بتكلفة مالية قيل انذاك لا تتجاوز 2مليون دولار لكن قفز هذا المبلغ إلى 3,5 مليار دولار, ولم يعلنوا سوى عن 2 مليار كتكلفة إجمالية. مشروع تم إستغلاله في نهب الأموال بتضخيم فواتير التكلفة كما جرت العادة عند إنجاز أي مشروع حتى وإن كان بسيطاً.

كما سبق ونهبت ملايير الدولارات في مشروع الطريق السيار شرق غرب، الذي كان فضيحة القرن، تحت إشراف الوزير السابق للأشغال العمومية، عمار غول الذي يقبع في السجن حالياّ بتهمة الفساد. ويعد جامع الجزائر الأعظم، الواقع ببلدية المحمدية بالعاصمة، أكبر مسجد في الجزائر وأفريقيا، وثالث أكبر مسجد في العالم، بعد المسجد الحرام بمكة، والمسجد النبوي في المدينة المنورة. وتعلو الجامع أطول مئذنة في العالم بعلو 265 متراً، وتعد منارة للسفن في نفس الوقت، و يتربع على مساحة إجمالية تقدر بأكثر من 27 هكتاراً. ويضم المسجد فضاء إستقبال وقاعة للصلاة تتجاوز مساحتها هكتارين، تتسع لـ120 ألف مصلٍ، وداراً للقرآن بقدرة إستيعاب تقدر بـ300 مقعد، ومركزاً ثقافياً إسلامياً. و مكتبة قدرة استيعابها 2000 مقعد، وتتوفر على مليون كتاب وقاعة محاضرات ومتحف للفن والتاريخ الإسلامي ومركز للبحث في تاريخ الجزائر.

ويحوي الجامع أيضا على مركز ثقافي مشيّد على مساحة تقدر بـ 8 آلاف متر مربع، ويتسع لـ3 آلاف شخص. كما يضم المعلم قاعات تتوفر على وسائل متعددة الوسائط ومقرات إدارية وحظيرة سيارات بطاقة إستيعاب تصل إلى 6 آلاف سيارة تقع على مستويين تحت الأرض، ومساحات خضراء ومحلات تجارية. ويحوي كذلك على 12 بناية مستقلة تتربع على مساحة تقدر بحوالي هكتار مع مساحة خام تبلغ 400 ألف متر مربع. و مزود بنظام مضاد للزلازل قادر على إمتصاص أكثر من 70 بالمئة من قوة الهزة الأرضية. هل الجزائر كانت بحاجة ماسة الى هذا الإنجاز الضخم ؟!

كانت مطالب الشعب، بناء مستشفيات حديثة بمقاييس عالمية و تحسين التعليم بمختلف اطواره، و بناء مزيد من المصانع، لتوفير مناصب الشغل للعاطلين عن العمل، وليس برصد أغلفة مالية ضخمة على إنجازات، يتم بواسطتها النهب الممنهح. تفتخرون بأطول مئذنة مسجد في العالم يبلغ ارتفاعها 265 متراً، في حين تتذيلون المراتب في مجالات حيوية كالتعليم والصحة. هل كان الرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة يريد أن يطلع الى اله موسى ببناءه هذا الصرح؟! وشاء ربك أن يهلكه بمرض أقعده على كرسي متحرك، لايفارقه وهو الذي كان يحلم بكرسي الرئاسة مدى الحياة، فكان له ذلك لكن لايقدر على شيئ ولا يدشن مشروعه الضخم ليخلده بعد مماته. ربما الشيئ الوحيد الذي سيناله من مشروعه، بأن تقام له صلاة الجنازة وخروجه في التابوت إلى مقبرة العالية في موكب رئاسي. لو كان المسجد الأعظم بني ونحن في أحسن أحوالنا إقتصاديا، تعليميا وصحيا، لكان انجازً محموداً ومقبولاً. تخيّلت المؤذن عندما يصعد إلى قمة المئذنة الأطول في العالم، سيرى حقيقة ذلك العالم الآخر من وراء البحار الذي يعيش في حضارة وتقدم، والبنيات الضخمة هي مستشفيات، وجامعات ومدارس، وشوارع واسعة ونظيفة، ومساكن لائقة، والمواطن يعيش الحياة الكريمة ومصنفين الأوائل في العالم بالتكنولوجيا، وليست بأطول منارة. ما فائدة المسجد الأعظم و بقية المساجد مغلقة و لا تفتح إلا للصلاة من غير الجمعة.

مساجدكم المسيّسة، لايجوز الصلاة فيها وراء أئمة سكتوا عن الحق وانحازوا وركنوا لحكم العصابة. حتى بات يطلق عليهم إسم أئمة (ccp) ينتظرون فقط المبلغ المالي بالحساب البريدي آخر كل شهر . {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ