بقلم | أمينة أمين

إن الزيارة التي قام بها المعين عبد المجيد تبون الأيام القليلة الماضية الى المملكة السعودية والتي كان من المفترض ان تتم لثلاثة ايام لم تكن موفقة، و يبدو أن الاستقبال الفاتر والمهين عجل له بالعودة السريعة الى ارض الوطن.

تطهير السمعة في الروضة الشريفة

تركيز الاعلام على صورة عبد المجيد وهو يؤدي الصلاة داخل المسجد النبوي في يوم محاكمة ابنه لا يمكن أن نأخذها على محمل الصدفة ؟!

فمهمتهم هي التأثير على عاطفة الرأي العام حيث ذهب ليغسل سمعته وسمعة ابنه خالد تبون من عدة قضايا فساد، منها عملية تبييض الاموال فيما تعرف ب7 قناطير كوكايين والرشاوي والتلاعب بالعقارات التي خرج منها بالبراءة التامة

وبخصوص علاقته مع المتهم الرئيسي كمال شيخي المدعو البوشي(التي تعني الجزار بالفرنسية) مستورد اللحوم التي ضبطت كمية 7 قناطير من الكوكايين بحاويات الباخرة اختزلت في زجاجتي عطر, وهذا ماقاله المتهم الرئيسي: “خالد تبون لا علاقة له، وتم توريطه من أجل الإيقاع بوالده ، خالد تبون لم يساعدني ولم يتدخل يوما أو يتوسط لصالحي مثلما يتم الترويج له”, وواصل البوشي إجابته: “تم تعنيفي من أجل أن أشهد ضد خالد تبون و ضد والده” القاضي: بخصوص الكيس الذي منحته له البوشي: منحته زجاجتي عطر لأنه صديقي ولم يتدخل يوما ولم يقم بالتوسط، سيدي القاضي في مقر الدرك ضربوني وطلبوا مني ان أشهد ضد خالد تبون وأن أشهد على تورط والده المحاكمة لم تكن سوى لرد الاعتبار لإبن الرئيس، حيث تم انتقاء القضاة والمحامين والشهود بعناية فائقة وجعلوا خالد تبون يبدو الضحية البريئ و البطل ابن العائلة، فيلم دراماتيكي برعاية أفسد وزير عدل عرفته الجزائر.

القضية في حقيقة الامر تربط بين عدة اطراف نافذة في هرم السلطة بما فبها تبون وابنه وزوجته والشبكة الاخطبوطية من الجنرالات الفاسدين.

والقاعدة التي باتت معروفة في الجزائر أن وراء كل رجل فاسد جنرالا.

و لم نكن لنعلم بالقضية لولا ان أبلغت عنها مصالح خفر السواحل الاسبانية التي احرجت النظام الجزائري. كانوا السابقون وكنتم اللاحقون..

لقد تعودنا من بعض الحكام العرب السابقين مسح جرائمهم بالحج الى البقاع المقدسة كما سبق وفعلها المقبور جمال عبد الناصر عقب تنفيذ حكم الاعدام في سيد قطب(رحمه الله).

كانت باينة !

هكذا عبر الجزائريون.. تلقى الشارع الجزائري خبر حيثيات المحاكمة على انها فصلا آخر من فصول المسرحيات الكثيرة التي تنتظر بقية العصابة للافراج عنها.

وبالفعل قام الاعلام بنشر خبر مرض السعيد بوتفليقة الذي يحتاج الى عملية جراحية بمستشفى خارج الوطن.

طبعا الخبر بالون اختبار لردة فعل الشعب كمقدمات للافراج بطرق ملتوية.

بعد الغسل من الدنس فالسمعة الآن حليب دسم يبدو ان أبقار المراعي في طريقها الى الجزائر لانقاذ الشركة السعودية من الافلاس على حساب المنتوج الوطني للحليب والازمة المفتعلة التي لم يهضمها المواطن الجزائري رغم ان هناك منتجين خواص يشتكون الفائض في الانتاج و مشكل التوزيع.

هذه الممارسات ذكرتنا بسياسة الاستئصالي رئيس الحكومة الاسبق أحمد أويحي الذي باع المؤسسات الوطنية بالدينار الرمزي بحجة الافلاس في فترة التسعينات والمعروف بمقولة “جوّع كلبك يتبعك و ليس كل الجزائريين ملزمين بأكل الزبادي (الياوورت).

عاد تبون بخفى حُنَين يبدو ان هذه المرة كان بن سلمان بخيلا على غير العادة و عكس الاعوام الماضية حين زار الجنرال خالد نزار السعودية في عهد فهد بن عبد العزيز الذي عاد منها محملا بثلاثة مليار دولار و بفتوى سياسية ” إن الحل الوحيد مع الاسلاميين العصا ..العصا.. العصا” لمجابهة الجبهة الاسلامية للانقاذ والشعب الجزائري الذي اختارها في الانتخابات.

ما اشبه البارحة باليوم

بعد عودة رئيس أركان الجيش السعيد شنقريحة من الامارات وجليس المرادية عبد المجيد تبون من السعودية تم عقد اجتماع المجلس الأعلى للأمن بحضور ابرز الجنرالات بمن فيهم المعين مؤخرا المستشار الأمني والعسكري بالرئاسة عبدالعزيز مجاهد ذو السوابق الاجرامية لتسعينيات سنوات الجمر. نفس ماحدث مع عودة خالد نزار من المملكة السعودية سنة 1993 اين تم اجتماع المنقلبين على التشريعيات الذي تم بموجبه تطبيق اوامر المقبور فهد بن عبدالعزيز في استخدام العصا لمن عصى. ويبدو نفس التعليمات جاء بها هذه المرة قائد الاركان السعيد شنقريحة من عند اولاد زايد، والأيام القادمة ربما ستعرف منعرجا آخر في التعامل مع الحراك الشعبي.

و على صعيد آخر، راجت أخبار أن الجنرال محمد مدين (التوفيق) حوّل من السجن العسكري الى مقر الإقامة الجديدة وهذا بعد تولي صبيّه المنصّب مؤخرا كمستشار الأمن العسكري الرئاسي، عبدالعزيز مجاهد الذي قام بزيارة للأب الروحي مرتين متتاليتين، وكل المؤشرات تعلن ان الهياكل التوفيقية لازالت قائمة وعميقة عمق ال 25 سنة التي ترأس فيها الجهاز الاستخباراتي.

النظام يعزف على أنغام العلمانية والإسلامية يحاول النظام ضرب الحراك بإضفاء عليه الصبغة العلمانية والاسلاموية، لخلق الفتنة واعطى الضوء الاخضر لوسائل اعلامه المختلفة بفتح المجال للشخصيات الاستئصالية الكارهة للاسلام والأصولية المحسوبة على الاسلام لزرع البلبلة في اوساط المتظاهرين. وعودة المتشيع بروفيسور اللسانيات رشيد بن عيسى وشطحاته الغريبة له دلالة على زرع الفتنة في موضوع الهوية واللغة والدين. لكن مع تقنية الفار(VAR) التي لجأ اليها المتتبعين كاإعلام بديل للتوعية عبر وسائل التواصل الإجتماعي فضحت كل مرتزق ومأجور وعميل وخائن.

جيل الامس ليس هو جيل اليوم الذي تعلم من تجربة الماضي و يعلم جيدا ان العلماني والاصولي فصيلين من صناعة المخابرات ودورهما الدفاع عن مؤسسة العسكر، احدهما أشد كفرا بالإسلام والآخر متاجر به.

ماذا قدم لحد الآن من وعود !! لابرنامج تنمية ولاخرجات ميدانية، كانت زياراته خارجية بحثا عن الشرعية رئيس بالاسم لا قرار له مجرد رهينة الجنرالات بملفات الفساد و الخادم المطيع ورقبته على المحك.