بقلم| أ. جمال فريد الغانم

ترامب في أيام حملته الانتخابية السابقة صيف سنة ٢٠١٦ كان يطالب بخروج القوات الأمريكية من العراق قائلاً: ( نريد أن يعود أبناؤنا إلى الوطن ) تكراراً وفي كل مهرجاناته الانتخابية، وكان يعيب على أوباما أنه لم يخرج أبناء القوات المسلحة الامريكية من المستنقع العراقي. أما يوم أمس ٢١- ٨ – ٢٠٢٠ أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده في البيت الأبيض مع مصطفى الكاظمي رئيس وزراء العراق لم يوافق على إعطاء أي موعد لمغادرة الجيش الأمريكي العراق، وقام بالطلب إلى وزير خارجيته بومبيو أن يجيب وهذا بدوره لم يقدم تواريخ محددة.

لماذا ؟

لأنه قبل ٤ سنوات كان حمار سياسة، أما اليوم وبعد أن شرح له خبراء السي آي ايه ووزارة الخارجية الأمريكية الوضع السياسي الاستعماري، ومن هم المنافسون، وماذا تعني العراق ونفط العراق، ولمن قد تؤول الاستثمارات الكبرى في العراق، فإنه بات يعلم أن مغادرة العراق والشرق الأوسط هو عمل يخدم المنافس. من ينافس امريكا في الشرق الاوسط؟

من هي الأمم التي تتداعى علينا كما تتداعى الضباع على القصعة أو الفريسة ؟

من الذي يضغط على الأمريكان بقصف قواعدهم وقصف سفارتهم في العراق ويقتل جنود أمريكا؟

هل هم عملاء روسيا أم عملاء فرنسا أم شيعة الانجليز ( تعبير استخدمه إمام الجمعة في طهران ).

معممي لندن لديهم النفوذ في البصرة المنفلتة أمنياً حالياً، ولا احتمالية لوجود نفوذ لغيرهم، وفي البصرة تستثمر الشركات الأمريكية وهناك شركات أمريكية تنوي أن تستثمر في النفط والطاقة، وهؤلاء المعممين لديهم الآلاف من حملة السلاح في البصرة وكلهم يضع شعار يا حسين، وهؤلاء لديهم ١٦ فضائية تبث من لندن ولديهم قصور وشقق بالآلاف في لندن ولديهم جنسيات بريطانية وأقسموا على الولاء للملكة اليزابيث. هؤلاء المعممين لهم الأغلبية داخل البرلمان العراقي فقاموا بالتصويت بالاجماع على وجوب إخراج القوات الأمريكية من العراق، ومن بعدها يقومون بتذكير الحكومة العراقية في كل مناسبة بضرورة تنفيذ قرارات مجلس النواب العراقي.

ضعف وضع العراق المالي حالياً هو طوق النجاة لأمريكا، وبواسطته تستطيع فرض ارادتها أثناء المباحثات حول العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والعراق. فالتنافس لا جدال فيه في العراق بين بريطانيا وأمريكا على الظفر بالكعكة.

بعض الشباب المتدين حين يكتب في الشأن العراقي يحاول أن يتعامل بسطحية ودروشة فيقول : هؤلاء الكفار متفقون ولا فرق بينهم، لا بد أن تعرف عدوك وأن تعرف حقيقة ما يجري كي يكون الفعل مناسب للواقع، فمثلاً تسليط الضوء كله على أمريكا وإعلان العداء لأمريكا فقط يخدم الانجليز ويصب في مصلحتهم، ومن هذا الباب تستطيع أن تفهم شدة هجوم قناة الجزيرة الانجليزية ضد الأمريكان، وضد تواجدهم في العراق والداومة على اذكاء العداء لأمريكا.

اترك السطحية يا أخي فكلامك باطل ومنافي للحقيقة، انظر كيف يقبل ترامب بقتل الجنود الأمريكان وقصف القواعد الأمريكية وقصف السفارة الأمريكية، ولا يقبل بالخروج من العراق ولا يقبل أن يترك العراق للإنجليز، رغم أنه كان قبل أربع سنوات يصر على”اعادة اولادنا إلى الوطن “حسب تعبيره.

أمريكا الكافرة المستعمرة لن تترك العراق لبريطانيا الكافرة، بريطانيا الكافرة مستعدة لدعم من يرغب بمقاتلة أمريكا ومستعدة أن تعطيه ترخيص قناة فضائية تتخصص في شتم امريكا، بريطانيا الكافرة ومن خلال نفوذها لدى المعممين في البصرة وما حولها جعلت الوضع الأمني منفلتاً لأنها تريد أن تبعث لأمريكا رسالة قوية مفادها أنه اذا جاءت الشركات الأمريكية للاستثمار في جنوب العراق فلن تجد الا الانفلات الأمني والقتل والمظاهرات، اي تعطل الاستثمارات الامريكية .