بقلم| أمينة أمين

الفراغ الرهيب الذي عاشه الحراك بين جدران البيوت التزاماً بالحجر الصحي، لقرابة الأربعة أشهر كان له الأثر البليغ في تململه وضحوله، وكأنه أصيب بفيروس كورونا ولايمكن إستعادة عافيته. كلما إقترب موعد النزول إلى الشارع إلا وسبقته قوانين وإجراءات جديدة في تمديد الحجر الصحي لكسر عزيمة الحراكيين وتشتيت لكل المبادرات التي تمكن من إستعادة الشارع.

العصابة تراوغ وتستثمر في جائحة الكورونا، التي تجاوزتها مختلف دول العالم إلا في الجزائر الأمر مبالغ فيه. المشكلة أن الشعب الجزائري أصبح يساير قوانين الحكم الغير الشرعي وينتظر في فتح المساجد، ليعود إلى حراكه وهذا خطأ كبير سقط فيه الأحرار. لو في نية العصابة فتح المساجد، لفتحتها يوم رفعت الحظر عن الأسواق والمحلات وجميع المجالات الأخرى. العصابة تعلم أن المسجد كان الموعد الذي لا يختلف عن ميعاده الحراكيين والساعة التي تضبط موعد انطلاق الحراك، عبر مختلف ربوع الوطن، وهذا ماكان يزعج جنرالات كابرانات فرنسا.

ألا يجعلك هذا تستنتج أن المستهدف الأول هو الحظر على الثورة وكسرها. وزيادة على ذلك، الا ترون أن توقيت الحظر لا علاقة له بالحجر الصحي وإنما حظر تجوّل، وحالة طوارئ كالذي عاشته الجزائر زمن العشرية السوداء. الحالة التي تمر عليها البلد شبيه بما مرت عليه مصر بعد الإنقلاب وإنقضاضه على الشرعية وإرتكابه لمجازر مروعة، إلا أن الإختلاف يكمن في أن إنقلاب ومجازر الجزائر باللون الأبيض، والسجون اصبحت إقامات جبرية في البيوت تحت غطاء الحجر الصحي، أما الإعتقالات اليومية و الأحكام التعسفية وقتل الجنود في كمائن هنا وهناك و إنتسابها إلى الجماعة الإرهابية المسلحة فلا إختلاف عليه بين المجرم السيسي والمعيّن تبون الغير الشرعي. أليست هذه مجزرة في حق الشعب حين تفرض عليه الكمامة وتمنع عنه الشواطئ في عز الصيف، و من لايمتثل لقانون العصابة فهو بين الغرامة المالية والحكم بالسجن، كعقوبة والتي فاقت كل التصورات. لا تحولوا الحراك الى عراك !

من يريد إستعادة حراكه لا ينتظر من خصمه أن يفتح له المساجد، بل عليه أن يثور و يفتحها بنفسه ولا يختلق الذرائع والحجج الواهية، ولا ينجر وراء سياسة التخوين والسقوط في فخ مخطط البوليس السياسي، الذي بدأ يلوح في الأفق للأسف الشديد في ورقة الأيديولوجية لضرب الأحرار بالمندسين واللعب على وتر العلمانية والإسلامية. عودوا الى رشدكم وتذكروا جيدا هذا الشعار الذي كنتم ترفعونه في حراككم لأول رئيس عربي مسلم المنتخب من الشعب في مصر الشقيقة ، محمد مرسي رحمه الله “إوعوا الثورة تتسرق منكوا ، باى حجة ، الحجج كتير و السحرة كتير والتحدى كبير ..” وأين هم من أعلنوا بيان تعليق الحراك حتى يزول الوباء ؟! لم نعد نسمع لهم ركزاً ولا حتى همساً ألم يكونوا ممثلين في أطباء الحراك !! الأرقام التي تعلن يومياً عن عدد الإصابات بفيروس الكوفيد_19 و الوفيات، لا أساس لها من الصحة و وزارة الصحة متواطئة ومدراء المستشفيات يطبقون الأوامر الفوقية وكل من مات بأي علة أخرى سجل بإسم كورونا. من قتل الآلاف في العشرية السوداء غير مستبعد، بأن يقتل المرضى والأطباء، تعددت الأساليب والمجرم نفسه.

العالم كله تحرك وإنتفض والبداية كانت من أمريكا مرورا بأوروبا إلى إثيوبيا ولم يعيروا أي إهتمام للوباء، الذي يدخل في إستراتيجية السيطرة على الشعوب، ونحن العرب لاحياة لمن تنادي رغم أسوأ الأحوال التي نمر بها. إعلم أيها الحراكي أن في كل تأخر، خسارة لك وربح لخصمك ومع مرور الوقت يُقتل حراكك وتُقتل معه. ربما الفرصة المواتية في ذكرى الإستقلال ..!!!

إن الذكرى 58 لعيد الإستقلال الغير مكتمل على الأبواب، فاغتنمها ولبي نداء الأصوات التي تطالب بالخروج قبلها بيومين أي 3 و 4 إلى ليلة الذكرى، التي تصادف تاريخ الخامس(5) جويلية، فلا تفوت الفرصة لإستعادة حرارة الحراك وإنصهاره إلى ثورة على درجة حرارة الصيف الساخن، لتلسع بها عصابة الجنرالات والأقدام البيضاء (الفرنسيين الذي بقوا في الجزائر ولم يغادروها) التي تتحكم في مقدرات البلاد والعباد.

ثوروا وتحرروا ليكون الإحتفال بذكرى الإستقلال عن حقيقة، و إصنعوا تاريخاً تفتخر به الأجيال الصاعدة.