بقلم| محمد عبد العزيز

التدعير ببساطة هو عملية تحويل ممنهج للمجتمع إلى زناة و زانيات و داعرين و عاهرات و قوادين و قوادات، و قد بدأت محاولات التدعير في مصر منذ الحملة الفرنسية و مرت بتقلبات كثيرة بين الانتفاش و الانكماش حتى يومنا هذا.. و بعد أن كادت الجهود المشتركة للإسلاميين و باقي الشرفاء في مصر و على رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، أن تقضي عليها تماماً عادت محاولات التدعير رسمياً منذ انقلاب 1954 الذي قام به عبد الناصر و استمرت محاولات التدعير الممنهج تتم في مصر بإرادة سياسية و تخطيط مسبق.. في عهد السادات احتاج بشدة لتأييد الإسلاميين أو على الأقل تحييدهم تجاهه فهدأت وتيرة التدعير الرسمي في عهده إلى حد كبير.. و في عهد مبارك توسع التدعير لكن بخطى حذرة، تسير ببطء نسبي لكن بفاعلية كبيرة، حتى انطلق التدعير في عهد الانقلاب العسكري الحالي بسرعة الصاروخ فصاروا يسارعون الخطى و يصارعون الوقت لاستكمال عملية تدعير المجتمع المصري.. لم تقتصر خطة التدعير كما يظن البعض على تشجيع الدعارة و الإغراء بها بل أيضاً توفير أسبابها و مقوماتها و وضعها في الحسبان ضمن الخطط التي اعتمدتها دولة العسكر من قبل و بلغت ذروتها في “اللادولة” الحالية في جميع المؤسسات بهدف تجهيز الشعب بدنياً و قيمياً و نفسياً و دينياً و عقلياً و اقتصادياً للانخراط في الدعارة .!!!

إن حملة مناهضة ختان الإناث في مصر التي فجرها تقرير صهيوني على قناة الـCN و أشهرها أنيس منصور و تبنتها سوزان مبارك فأفتى بها الأزهر لم تكن محض صدفة، فبصرف النظر عن صحة أو بطلان ختان النساء فالدافع الحقيقي وراء هذه الحملة كان تجهيز نساء المجتمع ليكونوا أكثر استثارة و استجابة للجنس حيث من الثابت أن الختان يجعل الأنثى أقل استجابة للإغراء الجنسي و الانحراف، و هذا مثال صارخ للتجهيز البدني.. كما أن مشاهد الأفلام المدروسة بعناية، التي تجعل من “اصطياد” أنثى و الزنى بها جائزة و عمل مضحك و ظريف كمشهد الممثل أحمد حلمي في فيلم صايع بحر و من قبله أفلام حسن يوسف قديماً، على سبيل المثال و ليس الحصر ما هو إلا ضرب مباشر في القيم الاجتماعية المحافظة و تهيئة نفسية مباشرة و مقصودة ليتحول موقع الفاحشة في اللاشعور من فعل شنيع لشيء ظريف و محبب و مقبول، فعندما يتم إنتاج فيلم عن مراهق يغتصب امرأة ناضجة و يقيم معها علاقة مستمرة فأنت أمام درس عملي و رسالة للمراهقين ” تجرأوا و حققوا أحلامكم الجنسية و انطلقوا”.!!!

عندما يطالب الداعرون برفع سن الزواج الحالي في مصر من 18 سنة إلى 28 سنة في بلد حار يبدأ البلوغ فيه غالباً من عمر 11 سنة بينما ألمانيا و إيطاليا الواقعتان في النطاق المناخي البارد حيث تأخر البلوغ لا يزال الحد الأدنى لسن الزواج بهما 14 عام و في فرنسا و بريطانيا و هولندا 16 عام، فأنت أمام إجراءات مقصودة تحارب العلاقة الشرعية و تهدف إلى إطالة فترة الحرمان الجنسي و تنشيط الدعارة. عندما يجلس مفتي الجمهورية علي جمعة يحدث البسطاء عن شيخ ضبطوه يزني ثم أظهر كرامة و مشى على الماء، فلا تظن أنها تخريفة أتت بالمصادفة. عندما يرتدي الشيوعي الشهير بميزو ملابس الأزهر و يحدث الناس في برنامج تلفزيوني أن الزنى ليس فيه حد، و يتحدث أبو حمالات أن الصحابيات و زوجات النبي كن يقضين حاجتهن في الخلاء و الشباب يتتبع عوراتهن.!!!، فلا تظن أن هذه التصريحات ظواهر فردية عشوائية فإنما هي حملة معدة مسبقاً لإباحة الزنا و التهوين من شأن جريمته ليتجرأ المسلمين على الفاحشة. عندما يُستَورَد الترامدول على ذمة الجيش، وتغض الدولة الطرف عن تجارة المخدرات، و ينادي بعض المحسوبين على النخبة المصرية علنا في الفضائيات بإباحة تجارة الحشيش و البانجو و من المعلوم أن المخدرات و الدعارة مترافقان، فأنت أمام خطة تغييب وعي كبرى تصب من ضمن ما تصب في تدعير المجتمع.

عندما يتم تحويل اعتماد اقتصاد دولة بحجم مصر إلى مصدر هش مثل السياحة بشكل أساسي و إباحة الدعارة للسائحين و التركيز على سياحة المتعة الترفيهية و الشاطئية دون حدود ولا ضوابط، في دولة مسلمة بها ثلثي أثار العالم و بجوارها دول إسلامية غنية يبحث أهلها المسلمون عن سياحة نظيفة ستدر على مصر أضعاف ما تحققه سياحة العري، و تتجاهلهم خطط السياحة الرسمية فليس الأمر مجرد صدفة و غباء اقتصادي بقدر ما هو إجراء متعمد يصب في نشر الفاحشة و تدعير المجتمع.. عندما يتم إفقار المواطن و إلغاء معاشات الأرامل و المساكين و إهمال العشوائيات و ترك أسر كاملة بلاعمل ولا دخل فهو بالتاكيد إجراء يساهم في توفير سبب إضافي لانحراف و تدعير قطاع عريض من المجتمع.

تلك المشاهد و الأخبار و الحوادث و الإجراءات التي تبدو لنا كاحداث متفرقة متناثرة بدءًا من الأحكام القاسية المشددة على الشرفاء و من ينادوا بالعدالة و تطهير البلاد مقابل الإفراج الفوري عمن ضبطت سكرانة و متلبسة في وضع مخل مع شابيين كويتيين ثم ظهورها في البرامج تروج لمشاهدة الأفلام الإباحية، مروراً باختيار راقصة كام مثالية، و التركيز على تناول موضوع الجنس في برامج التوك شو، و مطالبة إيناس الدغيدي بفتح و ترخيص بيوت للدعارة، و انتهاءً بدعم ظاهرة التبرج و السفور في الوزارات و الهيئات و المؤسسات، و انتهاءً بالشارع المصري، و مشهد التحرش في ميدان التحرير، و وصلة الرقص الخليع لياسر الدسوقى محافظ أسيوط بصحبة فتيات يرتدين الشورت القصير في دولة شيلي بأمريكا الجنوبية، و تكريم الجيش للراقصة صافيناز و افتتاح ميدان باسمها في سفاجا يتوسطه تمثالها.!!!

كل تلك الإجراءات و غيرها كثير ما هي إلا حلقات و خرزات في سبحة التدعير التي ينظمها حكم الفجار في مصر ليُسَبِّح بها مُريدُوه من أجل تدعير المجتمع المصري.